خاص | للحديث عن مستقبل إيران بعد انتخاب بزشكيان وتأثيراته على “المقاومة الإيرانية”… حوار خاص مع عضو لجنة الشؤون الخارجية في المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية “موسى أفشار”
أجرت “بوليتكال كيز | Political Keys” حوارًا خاصًا مع موسى أفشار، عضو لجنة الشؤون الخارجية في المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، للحديث حول التطورات السياسية في إيران وخاصة بعد انتخاب مسعود بزشكيان، ومدى اقتراب المقاومة الإيرانية من التغيير الجذري وإسقاط النظام الإيراني.
وعن رؤيته لمستقبل إيران تحت إدارة بزشكيان وتوقعاته للمرحلة القادمة، قال أفشار، “قبل كل شيء، يجب أن نأخذ بعين الاعتبار أنه في الانتخابات الأخيرة قبل وفاة إبراهيم رئيسي، رئيس الجمهورية السابق، لم يشارك 82% من الشعب الإيراني في الانتخابات، مما وضع النظام في مأزق غير مسبوق، وأعرب العديد من المسؤولين والمحللين في النظام عن قلقهم من الحالة الحرجة التي وصل إليها الوضع، وبشكل خاص، أشار بزشكيان إلى هذه المقاطعة الكبيرة وقال: “رأيت النظام في خطر، ولهذا السبب قررت المجيء”. بناءً على هذا، يمكن القول إن مستقبل إيران تحت إدارة بزشكيان لن يختلف جوهريًا عن الفترات السابقة لأن المرشد الأعلى علي خامنئي هو صاحب القرار النهائي في نظام ولاية الفقيه. فبزشكيان، رغم محاولته تقديم نفسه كشخصية إصلاحية، ليس إلا استمرارًا لنهج النظام القمعي، وتعيينه جاء كمحاولة من النظام لتهدئة الاحتجاجات الداخلية والضغوط الدولية، لكن دون أي نية حقيقية للتغيير”.
وتابع: “في المرحلة القادمة، نتوقع استمرار السياسات القمعية للنظام، مع محاولات سطحية لإظهار الانفتاح، وسيستمر النظام في قمع الحريات، وانتهاك حقوق الإنسان، وتقييد حرية التعبير، كما نتوقع استمرار التدهور الاقتصادي نتيجة للفساد المستشري والعقوبات الدولية”.
وأشار أفشار: أنّ هناك “عاملًا داخليًا ودوليً مهمًا في المأزق الذي يواجهه نظام ولاية الفقيه هو وجود بديل قوي بجذور اجتماعية واسعة وقبول ودعم دولي يتمثل في المجلس الوطني للمقاومة بقيادة مريم رجوي، الرئيسة المنتخبة للمجلس الوطني للمقاومة، وأنّ الحل الوحيد لمستقبل إيران يكمن في التغيير الجذري للنظام، وليس في تغيير الوجوه فقط، وندعو دول المنطقة والمجتمع الدولي إلى عدم الانخداع بمحاولات النظام التجميلية، والاستمرار في الضغط من أجل تغيير حقيقي يضمن الحرية والديمقراطية للشعب الإيراني”.
أما عن سر التصديق على جميع تشكيلة بزشكيان الوزارية، ومدى صحة اختيارهم بالتنسيق مع المرشد، فأكد “أفشار” أنّ “التصديق السريع على تشكيلة بزشكيان الوزارية يكشف بوضوح أن هذه التشكيلة تم اختيارها وفقاً لرغبات المرشد الأعلى وأجهزة النظام الأمنية، وقد أكد بزشكيان نفسه في تصريحات متكررة قائلًا: “لا تضعوني في موقف أن أقول ما ليس من المفروض أن أقوله أو أكشف عنه”، مشيرًا إلى أن الوزراء تم تأييدهم من قبل خامنئي، هذا التنسيق المباشر بين بزشكيان والمرشد يؤكد أن السلطة الحقيقية تبقى في يد المرشد، وأن رئيس الجمهورية ما هو إلا واجهة لتنفيذ سياسات النظام، والتصديق السريع يهدف إلى إظهار وحدة النظام وقوته في مواجهة التحديات الداخلية والخارجية، لكنه في الحقيقة يكشف عن ضعف النظام وخوفه من أي تغيير حقيقي قد يهدد سلطته، وإن اختيار الوزراء بهذه الطريقة يؤكد أن النظام لا يزال يعتمد على نفس الأساليب القديمة في الحكم، وأنه غير مستعد لأي إصلاح حقيقي، وهذا يعزز موقفنا بأن التغيير الحقيقي لا يمكن أن يأتي من داخل النظام، بل يجب أن يكون تغييرًا جذريًا يأتي من إرادة الشعب الإيراني”.
أما عن تأثير غياب التمثيل السني في الحكومة الجديدة على الوحدة الوطنية في إيران، فقال عضو لجنة الشؤون الخارجية في المجلس الوطني، إنّ “غياب التمثيل السني في الحكومة الجديدة ليس مجرد انتهاك لمبدأ الوحدة الوطنية، بل هو انعكاس مباشر لطبيعة النظام الإيراني القائم على مبدأ ولاية الفقيه المطلقة، وهذا النظام، في جوهره، هو نظام حكم احتكاري تسيطر عليه فئة محددة، وكل اهتمامها منصب على الحفاظ على سلطتها وتوسيع نفوذها في المنطقة، كما أنّ النظام الإيراني لا يؤمن بمشاركة مختلف مكونات المجتمع الإيراني في الحكم، سواء كانت أقليات دينية كالسنة والمسيحيين، أو عرقية كالأكراد والعرب والبلوش، بل على العكس، فإن سياسة النظام تقوم على القمع المنهجي لهذه المكونات وإقصائها من المشاركة الفعلية في إدارة شؤون البلاد”.
وتابع: “هذا الإقصاء الممنهج لا يقتصر على عدم التمثيل في الحكومة فحسب، بل يمتد إلى محاولات مستمرة لطمس الهويات الثقافية والدينية المختلفة وفرض رؤية أحادية للمجتمع الإيراني. وهذا بدوره يؤدي إلى تعميق الانقسامات في المجتمع وزيادة التوترات الداخلية، مما يهدد الاستقرار الاجتماعي والسياسي للبلاد على المدى الطويل”.
وأشار إلى أن “التغيير الحقيقي في إيران يتطلب تحولًا جذريًا في بنية النظام السياسي، بحيث يضمن التمثيل العادل لجميع مكونات المجتمع الإيراني، ويحقق المساواة الحقيقية بين جميع المواطنين، بغض النظر عن انتماءاتهم الدينية أو العرقية. فقط من خلال هذا التغيير الشامل وإسقاط هذا النظام يمكن بناء إيران حرة وديمقراطية تحترم التنوع وتضمن حقوق جميع مواطنيها”.
أما عن تقييمه للاختيارات الوزارية، خاصة في ظل إدراج شخصيات مقربة من الحرس الثوري في مناصب حساسة، فأوضح أفشار “تقييمي للاختيارات الوزارية في الحكومة الإيرانية الجديدة، وخاصة إدراج شخصيات مقربة من الحرس الثوري في مناصب حساسة، يعكس استمرار النهج القمعي والعسكري للنظام الإيراني، ويجب أن نفهم أولًا أن نظام ولاية الفقيه في إيران يقوم على ركيزتين أساسيتين، القمع الداخلي، وتصدير الإرهاب والحروب إلى الخارج، وهاتان الركيزتان متلازمتان ومترابطتان بشكل وثيق، وفي هذا السياق، فإن تعيين شخصيات مرتبطة بالحرس الثوري في مناصب وزارية حساسة يؤكد هيمنة المؤسسة العسكرية على الحياة السياسية في إيران. هذا الاختيار يعكس استمرار النهج الأمني والعسكري للنظام في إدارة شؤون البلاد، وهو ما يشكل تهديداً خطيراً للحريات المدنية وحقوق الإنسان”.
وأردف، “هذه الاختيارات الوزارية تهدف إلى تعزيز قبضة النظام على مفاصل الدولة وضمان استمرار سياساته القمعية. وجود عناصر مرتبطة بالحرس الثوري في مناصب حكومية عليا يزيد من خطر استخدام موارد الدولة لدعم الأنشطة الإرهابية وزعزعة استقرار المنطقة، كما أن هذه الاختيارات تؤكد أن الحكومة الجديدة لن تكون قادرة على إحداث أي تغيير حقيقي في السياسات الداخلية أو الخارجية لإيران، وبدلًا من ذلك، يمكننا توقع استمرار السياسات العدوانية وقمع الحريات الداخلية، وفي النهاية، هذه التعيينات تعكس حقيقة أن النظام الإيراني لا يزال متمسكًا بنهجه القائم على القمع والإرهاب، وأنه غير مستعد لأي تغيير جوهري في سياساته الداخلية أو الخارجية”.
أما عن رؤيته لمدى استطاعة بزشكيان تنفيذ أي من الإصلاحات التي وعد بها في ظل الضغط من التيار المحافظ، فأكد عضو المحلس الوطني، أنه “لن يتمكن من تنفيذ أي إصلاحات جوهرية، بغض النظر عن الوعود التي قدمها، هناك عدة أسباب لهذا التقييم،
أولًا، بنية النظام الإيراني وهيمنة المرشد الأعلى والحرس الثوري تجعل إحداث أي تغيير حقيقي مستحيلًا، فالسلطة الحقيقية لا تكمن في يد رئيس الجمهورية، بل في يد المؤسسات الدينية والعسكرية التي يسيطر عليها خامنئي ويرسم لها الخطوط العريضة، ثانيًا، الضغط من الحرس الثوري، الذي يسيطر على معظم مؤسسات الدولة، سيكون عائقًا كبيرًا أمام أي محاولة للإصلاح، والحرس يرى في أي تغيير تهديدًا لمصالحه ولاستمرار سلطته، ثالثًا، تاريخ النظام الإيراني يظهر أن الوعود بالإصلاح غالبًا ما تكون مجرد خطاب للاستهلاك الإعلامي، دون نية حقيقية للتنفيذ، ولقد رأينا هذا النمط يتكرر مع رؤساء سابقين مثل خاتمي وروحاني، رابعًا، الأزمات الاقتصادية والسياسية التي تواجهها إيران حاليًا تجعل من الصعب تنفيذ إصلاحات جذرية دون تهديد استقرار النظام نفسه، ومن المهم أن نتذكر أن الشعب الإيراني قد سئم من أي حديث عن الإصلاح في إيران بسبب الوعود الكاذبة التي قُدمت له على مر السنين، ولقد وصل الأمر إلى درجة أن المتظاهرين في الانتفاضات الأخيرة كانوا يهتفون: “إصلاحي، أصولي، انتهت القصة”، وهذا يعكس رفض الشعب الإيراني لأي محاولات إصلاح داخل النظام الحالي، وإدراكهم أن التغيير الحقيقي لا يمكن أن يأتي من داخل هذا النظام”.
وختم “في النهاية، الحل الوحيد هو التغيير الشامل للنظام، والإصلاحات الجزئية أو الشكلية لن تكون كافية لمعالجة المشاكل العميقة التي تواجهها إيران، والشعب الإيراني يدرك هذه الحقيقة، ولذلك فإن أي وعود إصلاحية من بزشكيان أو غيره لن تلقى قبولًا شعبيًا، بل ستزيد من تصميم الشعب على التغيير الجذري.
من هو موسى أفشار؟
سياسي إيراني معارض من موالید 1956، درس الاقتصاد في جامعة طهران ثم اللغة العربیة وتخرج منها، ويعتبر من الأعضاء القدامى في منظمة مجاهدي خلق الإيرانية، ثم أصبح عضوا في لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب الوطني للمقاومة الإيرانية. كان سجينًا سياسيًا في عهد الشاه لعدة سنوات، وشارك في النضال ضد نظامي الشاه والملالي، وقام بعد ذلك بالمشاركة في كثير من الفعاليات واللقاءات السياسية ومؤتمرات للمقاومة الإيرانية، كما أجرى عدة مقابلات صحفية لتقديم رؤية المقاومة الإيرانية في وسائل الإعلام العربية.