خاص | للحديث عن آخر التطورات السياسية والعسكرية في السودان… حوار مع الأمين السياسي لحركة المستقبل للإصلاح والتنمية السودانية “هاشم الشواني”
أجرت “بوليتكال كيز | Political keys” حوارًا خاصًا مع الأمين السياسي لحركة المستقبل للإصلاح والتنمية السودانية “هاشم الشواني” للحديث عن آخر التطورات السياسية والعسكرية في السودان.
وعن رأيه في عودة السودان لنقطة الصفر بعد تعثر المفاوضات الأخيرة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، قال الشواني، “لا أعتقد أنّ السودان يمكن أن يعود لنقطة الصفر، هناك تخريب كبير حصل في الحياة السياسية وفي البنية التحتية وفي مؤسسات الدولة حتى في مدى التماسك الاجتماعي السوداني، هناك تهديد وجودي للدولة، هناك تهديد لوحدة السودان، وهذه الأمور الآن على حافة الهاوية، لكن أعتقد أن هناك جانبًا آخر قد يقود السودان نحو الأمام أكثر مما كان عليه وهذا الأمر متصل باليقظة الوطنية التي اشتعلت، كالوعي بالأمن القومي، والإدراك لطبيعة المؤمراة وكمية الخرق في القوى السياسية السودانية كونها قوى غير وطنية وعميلة، وبالتالي هذه الأمور يمكن استثمارها في هبة وطنية يمكن أن تقود إلى النهضة، بالتالي السودان لم يعد للوراء، فإذا تجاوز هذا الأمر يمكنه أن يمضي إلى الأمام بخطوات ثابتة”.
أما عن تعثر لقاء طرفي الصراع، والدور المتوقع منهما مستقبلًا، فاعتبر الأمين السياسي، أن “الدور الذي يجب أن يندفع نحوه الطرفان وكذلك الدول هو تنفيذ إعلان جدة 11 أيار/ مايو وأي حديث عن تجاوزه هو حديث خاطئ، لأن أعلان جدة يخاطب واقع الحرب في المدخل الصحيح، وهو المدخل الذي يدعو إلى وقفها وفق أساس إنساني ينهي معاناة السودانيين وبالتالي الدخول في ترتيبات عسكرية ثم ترتيبات إنسانية ثم بعد هدوء الأوضاع واتخاذ كل مايلزم لحفظ سيادة السودان ووحدته، بعدها تأتي الترتيبات السياسية وأي أمر غير ذلك سيكون مجرد تكسب سياسي”.
هل الجيش السوداني يتقدم في أرض المعركة؟
وفيما يخص حديث الجيش السوداني عن إحراز تقدم ميداني، وتأثير ذلك على إنهاء الأزمة السودانية، فأوضح الشواني، أنّ الحرب معقدة ميدانيًا لحد كبير فالجيش السوداني يواجهة مؤمراة، يواجه فصيلًا كان يستعد للحرب منذ فترة طويلة، ويواجه كذلك قوات متمردة دون رادع ولاضابط تتخذ حربًا “ميليشياتية”، وفي ظرف مثل هذا كان الجيش سينكسر، وكانت كل جيوش المنطقة حولنا لو وضعت في مثل هذا الاختبار لتشتت وانكسرت وهذا الأمر حدث من قبل يعني، ولدينا تجارب كثيرة في الصومال وتشاد وغيرها، لكن الجيش السوداني حتى الآن متماسك استطاع أن يمتص الصدمة ويدير المعركة المعقدة في ظروف صعبة في ظل غياب الحلفاء وضعف الإمداد العسكري وغيره. أما عدوه فيتلقى دعمًا كبيرًا من الخارج، من الإمارات تحديدًا من مال وسلاح، ويستند على كتل بشرية (مرتزقة) قادمة من غرب إفريقيا ومن المحيط الإقليمي من حولها. الجيش متماسك ويدير المعركة بشكل جيد، نعم هناك أخطاء عسكرية وتطورات ميدانية وهذا أمر يحدث في معركة أو معركتين لكن في المجمل لايزال متماسكًا ويستطيع أن يدير المعركة وفق إستراتيجيته المحددة.
أما عن زيارة رمطان العمامرة كمبعوث للأمين العام الأمم المتحدة، وكون زيارته يمكن أن تأتي بحل للأزمة، فأشار الأمين السياسي لحركة المستقبل إلى أنّ زيارة العمامرة جاءت كمبعوث شخصي، وهي مرحلة جديدة مختلفة عما قبلها، فالسابقة كانت تحت الفصل السادس وفق وجود بعثة أممية لها صلاحيات سياسية واسعة تستقي من صلاحياتها بما يخص السيادة الوطنية وسلطات الدولة، الآن الوضع مختلف، الرجل يتعامل مع الدولة ويعترف بها، وبيانه الأول كان جيدًا وموفقًا تحدث عن لقائه بشخصيات سياسية وشخصيات مجتمع مدني، ونحن التقينا به وسلمناه خطابًا شخصيًا باسم حركة المستقبل حوى جملة الخطوط التي لا تراجع عنها بالنسبة لنا، ونحن نرجو منه ومن الأمم المتحدة أن تساعد السودانيين فيها كتنفيذ إعلان جدة ودعم الحوار السوداني الداخلي. أعتقد أنّ دور العمامرة إذا استند على ماذكرناه له سيصب في صالح السودانيين”.
وتابع: “هناك لوم كبير يوجهه السودانيون لوكالات الإغاثة والهيئات التابعة للأمم المتحدة. نعتقد أنها قصرت في الملف الإنساني، وقصرت كذلك في ملف دعم حقوق الإنسان وقصرت أيضًا في توجيه التهم للمتمرد حميدتي، وهو الآن يتحرك بغطاء سياسي، بل ويجري الأمين العام للأمم المتحدة “غوتيريش” مكالمات شخصية معه، لا يجب في أي حال من الأحوال أن يخاطبَ الأمينُ العام في الأمم المتحدة رجلًا متمردًا، هذه فضيحة.
أما عن مدى تأثير القوى السياسية والمدنية في المشهد السياسي والعسكري في البلاد، فقال الشواني، إنّ “حزب التقدم الآن في أضعف حالاته وهو حاليًا واجهة لقوى الحرية والتغيير (قحت)،
وهؤلاء القحاتة هم الآن بلا أي وجود جماهيري داخل السودان، الآن هم معزولون تمامًا عن الشارع السوداني وعن الصوت السوداني، وبالتالي كل ما يستندون إليه هو الدعم الخارجي من بعض الجهات والأذرع الإعلامية المشبوهة التي تساندهم، بالتالي هم ليسوا أصحاب وزن سواء التلقى بهم قائد الجيش أم لم يلتق، هذا الأمر لا يؤثر على الواقع، ولن يقود السودان إلى أي حل للأزمة. أعتقد أمام “التقدم” فرصة واحدة وهي أن تعود إلى السودان وتعترفَ بخطئها وتدخل في مراجعات حديدية لموافقها السابقة التي أدت إلى الحرب، وتتواضع، وقتها قد يقبل الشعب السوداني بوجودها لأنه شعب يتسامح مع المخطئ إذا اعترف بخطئه”.
هل فعلًا جمدت الحكومة السودانية عضويتها في إيغاد؟
أما عن إعلان الحكومة السودانية تجميد عضوتها في الهيئة الحكومة إيغاد، وسر اختيارها لهذا التوقيت بالذات، فأكد الشواني، أنّ “الحكومة السودانية لم تجمد عضويتها في إيغاد، بل جمدت الملف السوداني فقط في المنظمة، حيث إنها لن تتعاون في هذا الملف مع إيغاد، وهذه الخطوة ضرورية وقد تأخرت كثيرًا، إيغاد استهترت بالسودان واتخذت سياسات خاطئة تجاهنا، وهي للأسف تجاوزت إعلان جدة وتتآمر مع المتمرد حميدتي، ونعتقد أن إيغاد الآن لاتملك إرادة، بل هي واجهة لإرادة خارجية خارج قارة إفريقيا، خارج حتى المنظمة، وقد ظهر هذا الأمر في القمة الأخيرة بحضور قيادات إماراتية وتجولهم بالطائرات مع قيادات دول إيغاد، فإيغاد حاليًا منظمة فاسدة وقمتها فاشلة لأن أثيوبيا نفسها قاطعت القمة في القضية المثارة في أرض الصومال”.
أما عن رأيه فيمن يسيطر على ميدان المعركة ويملك زمام الأمور بعد مرور حوالي 300 يوم من الحرب، فختم الأمين السياسي لحركة المستقبل كلامه بالقول، “كما ذكرت في البداية، أعتقد أنّ الفوز في الحرب لايتعلق بالتقدم في أوص الميدان، الدعم السريع دخلت ولاية الجزيرة وقد يظهر هذا تقدمًا لها ولكن هذا التقدم في الحقيقة هو دخول همجي بربري اعتدائي على الناس يستغلون فيه أن الشعب السوداني شعب أعزل ولا يستطيع الدفاع عن نفسه وهذا الأمر صار واضحًا. بعد ذلك هبت مقاومة شعبية في عموم السودان، وهذه المقاومة عبرت عن تطلع الناس العفوي وغريزتهم نحو البقاء والحياة ونحو حماية أرضهم وممتلكاتهم وأعراضهم، الجيش يسيطر على غالب الولايات، ففي دارفور نفسها يوجد جيش في الشمال، وفي جنوب وشمال كردفان أيضًا في الوسط كله موجود باستثناء جزء من ولاية الجزيرة فالشرق والشمال كله تحت سيطرة الجيش، أعتقد أنّ الوضع العام داخل السودان يشير إلى أن القوات المسلحة رغم الثمن الكبير الذي يدفعه الشعب السوداني متماسكة وتمتلك القدرة على إدارة المعركة وفق الظروف الداخلية الموجودة”.