خاص | للحديث عن آخر التطورات العسكرية والسياسية في السودان… “بوليتكال كيز” تجري حوارًا خاصًا مع الباحث في الشأن الإفريقي “عثمان ميرغني”
أجرت “بوليتكال كيز | Political keys” حوارًا خاصًا مع رئيس تحرير صحيفة “التيار” السودانية والباحث في الشأن الإفريقي للحديث حول آخر التطورات العسكرية والسياسية في السودان.
وعن موقف قائد الجيش السوداني “عبد الفتاح البرهان” من كون العملية السياسية والعسكرية ومستقبل البلاد مرهون بخروج قوات الدعم السريع من منازل المواطنين، وهل شروط منبر جدة التي أقرها الجيش السوداني مقبولة لدي قوات الدعم السريع، قال “ميرغني”، طبعا هذا موقف تفاوضي مبني على ما تم التوافق عليه في شهر أيار/ مايو الماضي بين ممثلي الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في منبر جدة وهو واحد من المطالب الأساسية التي يصر عليها المواطن السوداني قبل الجيش لأنها ترتبط باستقراره فهو الآن مشرد خارج بلده في مناطق متباعدة داخل السودان أوخارجها، وبالتأكيد مصير المواطن يرتبط أولًا بعودته إلى بيته ثم عودته إلى عمله، ثم بعد ذلك يمكن البحث في بقية التفاصيل العسكرية والسياسية وغيرها التي فيها اختلاف بين الجيش وقوات الدعم السريع فهذا المطلب ليس خاصًا بالجيش وحده إنما هو مطلب كل السودانيين الذين تأثروا مباشرٌا بهذه الحرب.
وعن حقيقة إصرار الجيش السوداني على إبعاد الأطراف السودانية والسياسية من المفاوضات والحل السياسي، أكد رئيس تحرير “التيار”، أنّ الحقيقة ليس الجيش السوداني هو الذي أبعد القوى السياسية من المفاوضات هو منبر جدة فيه دولتان تقومان بتيسيير هذا التفاوض في السعودية، وهما اللتان وضعتا الأسس التي يتم التفاوض عليها وحددت الطرفين الذي يمكن لهما التفاوض وهما بالتحديد القوتين العسكريتين المتواجهتين على الأرض، بمعنى أن هذه المفاوضات هي عسكرية محضة بين الأطراف التي تتقاتل الآن في الأرض داخل الخرطوم والتي تحاول الدولتان المؤثرتان الوصول لحل لقضيتهما وإنهاء الحرب أولًا ثم بعد ذلك يتم النظر في القضايا الأخرى.
هل يحرز الجيش السوداني تقدمًا في الميدان؟
أما عن إحراز الجيش السوداني تقدمًا في الميدان مع وصول الحرب لشهرها التاسع، فاعتبر “ميرغني” أنّ الجيش السوداني يخوض هذه الحرب بإستراتيجية مختلفة عم يظن كثير من المراقبين فهو هنا لايعتد بالأرض، بمعنى أن إسترايجية الجيش لاتقوم على احتلال الأرض أو الإصرار على البقاء فيها، هي تقوم فقط على استهداف الطرف الآخر بشريًا وماديًا بالدرجة التي يمكن بعد ذلك أن تصل لمرحلة الانهيار الكامل الذي يؤدي لوقف الحرب، وعلى هذا يحاول الجيش أن يخوض المعارك التي يمكن أن تؤدي إلى أكبر قدر من الخسائر في الطرف الآخر عندالتجمعات أو الهجمات الكبيرة ولكن لايحاول الحفاظ على الأرض حتى عندما يخوض الجيش بعض المعارك ويستولي على الأرض فإنه لايقيم فيها بل يعود مرة أخرى إلى معسكراته وقواعده باعتبار أنّ المطلوب هو فقط استنزاف القوى البشرية والمادية للطرف الآخر وإلى حد ما هذا الإستراتيجية ناجحة بشكل واضح فحجم الخسائر في قوات الدعم السريع واضحة ولولا عملية التعويض المستمرة ربما لما استطاعت الدعم السريع الصمود حتى الآن.
وعن رؤية قوات الدعم السريع للحل الأنسب لقيام الدولة السودانية هنالك شروط ووضعها للحل وهل تلاقي قبولًا من قبل الجيش، فرأى الباحث المختص في الشأن الإفريقي، أنّ رؤية الدعم السريع السياسية التي عبر عنها خطاب سابق لقائدها قبل ثلاثة أشهر ثم عبر عنها في الرسالة التي بعث بها إلى منظمة الإيغاد على خلفية القمة الأخيرة، أن أعتقد أنها مناسبة، فهي تمثل روية سياسية قابلة للأخذ والرد وقابلة للتعديل، وهي بشكلها العام جيدة، ويمكن البناء عليها، صحيح أن هناك بعض الجوانب التي تحتاج إلى تعديل ولكن في كل الأحوال طالما أنها هي رؤية سياسية فأنا أعتقد أنه من الحكمة تشجيع الدعم السريع على المضي قدمًا في هذا المسار السياسي وأن يبحث ويضع هذه الرؤية على طاولة النقاش وتصبح بعد ذلك منطلق لحوار سياسي يشمل الجميع بمن فيهم الدعم السريع.
لماذا ترفض الدعم السريع وجود حزب المؤتمر في التفاوض؟
وعن سبب رفض قوات الدعم السريع دخول حزب المؤتمر الوطني للمفاوضات بين الأطراف السودانية، أوضح “ميرغني” لا أعتقد أن قوات الدعم السريع هي التي اعترضت إنما هي قوى الحرية والتغيير والمجلس المركزي هي التي اعترضت وهذا الاعتراض مبرر، وأعتقد أن يشمل الحوار السياسي كل القوى السياسية عدا “حزب المؤتمر الوطني” لأنه تم حله في فترة سابقة، وأيضًا لاعتبارات كثيرة تتعلق بأن الثورة السودانية في ديسمبر كانت ضد المؤتمر الوطني وأطاحت به فليس من المعقول جزءًا من الحوار لكن من الممكن استيعاب قوى أخرى لها علاقة بالمؤتمر الوطني لكنها لم تنجر لأي ممارسات خلال فترة الـ30 عامًا، ويمكن إشراك أشخاص بصفاتهم الشخصية شريطة ألا يكونوا قد تورطوا في أي أعمال أوجرائم ضد الشعب السوداني خلال السنوات السابقة.
أما دعن دقة المعلومات التي تحدثت عن تقديم رئيس الوزراء السابق “حمدوك” وساطة لإنهاء الصراع بين الجيش وقوات الدعم السريع، أفاد “ميرغني”، لا أعتقد أن الدكتور “عبد الله حمدوك” تقدم بوساطة حتى الآن، فهو يتولى منصب رئيس قوى التقدم وهو التحالف السياسي الذي نشأ خلال الأشهر الماضية ويحاول هذا التحالف أن يلعب دورًا في حل الأزمة السودانية دون تحديد ماهي الأدوار التي يمكن أن يقوم بها، لكن هناك حديث عن محاولة جمع الأطراف السودانية لحوار سوداني – سوداني، ولكن لم تقدم وساطة بمعنى وساطة لأي طرف من الأطراف، ولذلك لايمكن توقع من جهة أو أخرى أن ترفض أوتقبل وساطة غير موجودة أساسًا.
هل تحرز قوات الدعم السريع تقدمًا في الخرطوم؟
وعن مدى إحراز قوات الدعم السريع تقدمًا في الخرطوم على غرار تقدمها في دارفور، رأي رئيس تحرير “التيار”، إنه بالعكس أنا أعتقد أنّ الدعم السريع يخسر في الخرطوم لأنه كلما تمدد وانتشر في بعض المناطق تسبب بالمزيد من إساءة السمعة عليه وإبعاد الشعب السوداني عن الأجندة التي يرفعها على راياته، المناطق التي وقعت تحت سيطرة الدعم السريع تعرض فيها المواطنون إلى جرائم حرب كبيرة وموثقة ليس من قبل الجيش السوداني وحده وإنما موثقة دوليًا من أطراف لايمكن الطعن في حياديتها وفي تجردها ومصداقيتها، وعمليًا كلما دخل الدعم السريع منطقة زاد من حصائد الإدانات الدولية والمحلية ونظرة المواطن إليه كقوة غير قادرة على التعامل بمستوى يليق بحقوق الإنسان، والحفاظ على ممتلكات المواطن وأرواحه وأعراضه، كل ذلك ظهر في المناطق التي دخلها “الدعم السريع” ، فوجودهم في الكثير من مناطق العاصمة لايعني أنه استطاع الكسب سياسيًا أو عسكريًا، فهو عسكريًا لايستفيد من هذه الأراضي، فعندما يحتل قرية أومدينة، كل ذلك لايشكل إضافة عسكرية بقدر مايشكل مزيد من الإدانات السياسية والدولية للطريقة التي يستمر فيها بخوض معاركه.
هل لـ”إيغاد” دور فعال في حل الأزمة السودانية؟
وعن صحة حصول إيغاد بشكل فعال على التزام من المتحاربين السودانيين بالاجتماع الفوري والاتفاق ووقف الأعمال العدائية، وعن كونها مقبولة لدى الجيش ضمن شروط الهيئة الحكومية “إيغاد”، قال “ميرغني” إنّ الجيش ممثلًا بقائده “البرهان” في الفترة الأخيرة هو الذي سعى لتدخل الإيغاد وحاول إعطاءها فرصة أكبر من منبر جدة، فذهب إلى كينيا ثم إثيوبيا، وهو الذي دعا لانعقاد القمة الاستثنائية، وبعد ذلك سافر إلى “جوتي” للتأكد من تحديد موعد لتلك القمة، لكن بالضرورة الإيغاد لها محددات، يعني هي لاتستطيع لعب كل هذه الأدوار و لا تستطيع أن تقوم بأدوار قد تكون أكبر من حجم هذه المنظمة الصغيرة، على كل حال الآن، الأمر الواقع بعد نهاية قمة الإيغاد، أنها لم تعد ممثلًا لمنظمة الإيغاد التي تضم 8 دول إفريقية بل أصبحث ممثلًا للاتحاد الإفريقي وممثل للأمم المتحدة أيضًا بعد أن باركت الجهات الدولية الجهود التي قامت به منظمة الإيغاد، والتي أصبحت تمثل كل هذه القوى وكأنما حازت على تفويض دولي واسع جدًا يسمح لها بأن تباشر مهام في حل الأزمة السودانية ولو استطاعت الإيغاد الاستفادة من هذا التفويض الدولي فبالتأكيد تستطيع أن تحدث اختراق كبير في الأزمة السياسية السودانية.
أما عن وضع قوات الدعم السريع شروطًا لخضور قمة جيبوتي ومقابلة قائد الجيش السوداني، وعن مدى استعداد الحكومة السودانية للقبول بلقاء قائد قوات الدعم السريع “حميدتي” أكد “ميرغني” أنّ قائد الجيش “البرهان” وضع شروطٌا لمثل هذا اللقاء، وقال إنه يجب سحب قوات الدعم السريع من منازل المواطنين والمقار المدنية والذهاب إلى معسكرات خارج العاصمة، وفي تقديري هذا الشرط هو قد لا يكون عملي لأن هدا الشرط إذا تحقق فهو يصبح لقاء للاحتفال بنهاية الحرب، أما لقاء الرجلين فأعتقد أنه مناسب في هذا التوقيت، ويمكن أن يكون بارقة حل لكن بشرط واحد أن يكون هناك إعداد جيد لهذا اللقاء حتى يناقش بصورة بناءة القضايا المختلف عليها وبناء التوافقات المهمة والحتمية حتى تنتهي الحرب، لأنه في حال انتهى اللقاء أو فشل الاجتماع بينهما ولم يحدث اختراق رغم وجودهما معًا، فذلك يعني استمرار الحرب كحل مخيف وخيار أخير، فقبل أن نصل لمرحلة أن تكون الحرب هي الخيار الأخير من الأفضل أن يكون هناك إعداد جيد لهذا اللقاء ثم بعد ذلك يتم اللقاء بتوقعات أقرب للتوصل إلى اتفاق وحل، وطبعًا ماتزال هناك شكوك بأن تكون قيادة الدعم السريع قادرة على حضور مثل هذا اللقاء، وهذا يعني عمليًا وجود شخص آخر بديل قادر على القيام بهذه المهمة.