خاص | للحديث عن آخر التطورات العسكرية والسياسية في السودان… “بوليتكال كيز” تجري حوارًا خاصًا مع الصحفي والباحث السوداني “سيبوية يوسف نجري”
أجرت “بوليتكال كيز | Political keys” حوارًا خاصًا مع الصحفي والباحث في الشأن السياسي السوداني “سيبوية يوسف نجري” للحديث حول آخر التطورات العسكرية والسياسية في السودان.
فعن تسارع وتيرة الاشتباكات بين “الجيش السوداني” وقوات “الدعم السريع” في ولاية الجزيزة وسط السودان، قال “نجري” إنه بخصوص امتداد الصراع إلى منطقة الجزيرة، فإن ذلك يعود لموقعها الجغرافي وثقلها الاقتصادي، فوصول قوات “الدعم السريع” إلى حدود مدينة “مدني” له إشارات متعددة خصوصًا بعد خطاب قائد الجيش السوداني “عبد الفتاح البرهان” في مدينة “مدني”ضمن الولاية، وتهدف “الدعم السريع” من خلال ذلك إلى القضاء على “فلول النظام السابق” ومنعه من العودة مجددًا إلى السلطة.
وعن مدى أهمية مدينة “مدني” وكونها منطقة إستراتيجية بالنسبة للدعم السريع؟ فقد اعتبر الباحث السوداني أنّ الوصول إلى مدينة “مدني” هي واحدة من الأمور الهامة بالنسبة للدعم السريع وهذا ماصرح به قادتها وأنهم حريصون على القضاء على “فلول النظام السابق” في تلك المنطقة، وتحويل “مدني” إلى قاعدة عسكرية تنطلق منها الهجمات نحو “الخرطوم”
تقدم الدعم السريع نحو ولاية الجزيرة يقلل الإمدادات الواصلة للخرطوم
وعن مدى أهمية تقدم الدعم السريع نحو ولاية الجزيرة وكونه يقلل من حجم الإمكانيات الواصلة للعاصمة الخرطوم، أضاف “نجري” في الحقيقة منذ أن اندلعت هذه الحرب التي فرضت – في تقديري – سواء على “الجيش السوداني أو”الدعم السريع” من خلال فلول “النظام البائد” الذين قادوا الجيش إلى هذه المعركة، وبعد 8 أشهر من الصراع الدامي داخل الخرطوم نجد أنّ السيطرة الكاملة للدعم السريع وأنّ الجيش يعتمد على الطيران لضرب ارتكازاتهم، وكل العكسريين يعرفون تمامًا أنّ سلاح الطيران لن يكون حاسمًا في مثل هذه المعارك، فالجيش يعتمد على المدفعية الثقيلة ويعتمد على القصف بالطيران ونجد أنّ الانتشار على الأرض هو لقوات الدعم السريع وبعد 8 أشهر نجد أنّ السيطرة كما ذكرت للدعم السريع وقد سيطرت على كثير من المواقع الإستراتيجية مثل المقرات العسكرية والمطارات و الاحتياطي المركزيو الكتيبة الإسترايجية، وأنّ الجيش لم يستطع حتى الآن استرجاع شيء من تلك المناطق ومع استمرار هذه الحرب فبالتأكيد ستكون تكلفتها عالية وسيدفع ثمنها المواطنون ونرى بأنّ التفاوض هو واحد من المخرجات لهذه الأزمة ولكن نجد في نفس الوقت تعنت كبير جدًا من قيادة الجيش للدخول في مفاوضات تحقن دماء السودانيين في هذه الحرب.
الدعم السريع: خسائر فادحة لقوات الجيش السوداني في ولاية الجزيرة
وعن ادعاء قوات الدعم السريع تكبيدها خساير فادحة للجيش السوداني في ولاية الجزيرة، وكون الجيش لديه القوة الكافية لصدهم في باقي مدن البلاد، أكد الباحث السياسي أنّه في مثل هذه الحروب نجد أنّ الخطاب الإعلامي سواء كان من قبل الجيش السوداني أو “الدعم السريع” لايعبر كثيرًا عن واقع الحال، بمثل ما هو يعطي دفعات معنوية للطرفين، ولكن واقع الحال يؤكد أنّ قوات “الدعم السريع” تحيط بمدينة “مدني” وهناك اشتباكات منذ يومين وهناك نزوح من المدينة، بل تابعنا بعض الفيديوهات يتحدث فيها المواطنون بأن الجيش يمنع خروجهم من المدينة حتى يستعملوهم كدروع بشرية في مواجهة قوات “الدعم السريع”، ولكن أنا أعتقد أن نهاية هذه الحرب ستكون عبر طريق واحد وهو مفاوضات جدة التي تعثرت كثيرًا والتي رفضها الجميع بعد رفض مفاوضات “إيغاد”، وما يحصل الآن هو عبارة عن عمليات انتحارية تؤدي بالسودان وشعبه لدمار شامل.
أما عن إعلان والي الجزيرة حالة الطورائ ومدى تأثير ذلك على المدنيين، فأوضح “نجري” أنّ والي الجزيرة بالفعل أصدر قرارًا بإعلان حالة الطوارئ وحظر التجول من السادسة مساء حتى السادسة صباحًا، وهي خطوات وقائية ولكنها لاتخدم الحقيقة الأساسية والتي هي هذه الحرب وامتداداتها، فالدعم السريع لديه القدرة على دخول مدينة “مدني” من خلال الأعداد الكبيرة التي حركها من جنود وعربات قتالية بلغت قرابة الـ400 عربة، وبالتالي نحن نعلم بأنّ الجيش قد أرسل بعضًا من قواته لتعزيز القوات في الخرطوم، وبالتالي فإن “مدني” قد تجد نفسها وبإمكانياتها البسيطة في مواجهة قوات كبيرة، ومع استهداف طائرات الجيش لشرق مدني، لانرى أنه سيستطيع حسم المعركة مالم تكن هناك قوات حقيقية تستطيع أن تفرض وجودها على أرض الميدان، ونأمل أن يحقن والي الجزيرة والقيادات العليا للجيش دماء هؤلاء المواطنين كما فعلوا في “الطعيم”عندما تحدث معهم أعيان المدينة على ضرورة الاستسلام بشكل آمن حتى لاتراق دماء المواطنين، ونحن نعلم أنّ “مدني” بها أعداد كبيرة جدًا من المدنيين بعد نزوح الآلاف من مواطني الخرطوم إليها وبالتالي المدينة ذاخرة بأعداد كبيرة من النازحين مايؤدي لتكلفة أكبر في الأرواح.
“الدعم السريع” تعلن ترحيبها بالمبادرات المطروحة للحل
وعن مدى جدية قوات الدعم السريع في قبول مبادرات الحل المطروحة، وإمكانية قبول قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان وساطة “الإيغاد” لإنهاء الصراع والعودة إلى الحل السلمي، فقد قال “نجري” نعم، قوات “الدعم السريع” من خلال متابعتنا لمجريات هذه الحرب، دائمًا كانت ترحب بكل المساعي والمبادرات فقد رحبت بمبادرة “الإيغاد” و’اللجنة الرباعية” وبمخرجات “مؤتمر دول جوار السودان” وكل هذه المبادرات لإيقاف الحرب قبلتها “الدعم السريع” بكل مرة، وفي المقابل نجد أنّ “الجيش السوداني بقيادة البرهان” هو من يريد أن يطيل أمد الحرب ويحشد لها وماحصل في “إيغاد” يمثل واحدة من الدلائل المباشرة لهيمنة النظام السابق على القرار عندما تحدث “البرهان” وأعلن قبوله بكل المخرجات التي وردت في المؤتمر ورضاه بالعملية السياسية ووقف الاعتداءات، ولكن قبل أن يصل البرهان إلى الخرطوم خرج بيان من وزارة الخارجية ينفي كل ما ورد هناك بل يجرم
“إيغاد” ويتهمها بأن لها مآرب وأنها اتفقت مع موقف الدعم السريع، فهذا كله يؤكد بأنّ هناك أكثر من قرار وأكثر من رؤية تدير الحرب في السودان.
كم ستستمر الحرب في السودان بين الجيش و”الدعم السريع”؟
وعن رأيه بالمدة التي يمكن أن تبقى خلالها الحرب بين الطرفين، أكد الباحث السياسي أنّ هذا سؤال جوهري ويؤكد أنّ هناك الكثير من الإسقاطات المحلية والإقليمية التي تؤثر على سير هذه الحرب، بالإضافة إلى فقدان الإرادة السياسية لإيقافها، وعندما نتحدث عن هذه الحرب نتحدث عن امتداداتها وتكاليفها البشرية والمادية والاقتصادية وماشاهدناه من دمار… هو دمار كبير جدًا لبنيات أساسية للدولة السودانية واستمرار هذه الحرب هو استمرار للفشل، وربما يحول السودان إلى دويلات كما حذر المبعوث الأمريكي، عندما قال بأنّ السودان ممكن أن يتمزق أكثر من ليبيا، ونخشى أيضًا من امتدادات الحرب الأهلية إلى مناطق هي بالأساس مهيئة لمثل هذه الصراعات، وبالتالي العودة إلى التفاوض وإلى حكماء السودان الذين استطاعوا أن يتجاوزا الكثير من المحن السابقة حتى نعيد السودان إلى مساره.
أما عن عجز القوى السياسية السودانية حتى الآن عن رأب الصدع بين البرهان وحميدتي، وهل هي قادرة فعلًا على إنهاء الأزمة في البلاد، فختم “نجري” حديثه بالقول إنه بالنسبة للقوى السياسية، للأسف فهذه القوى بذات نفسها منقسمة حسب مصالحها السياسية. ولكن إذا بحثنا عن قوة سياسية تتحرك فعليًا نجد أن قوى “الحرية والتغيير و”المجلس المركزي” وهي التي تَرافق مشروعها من خلال الاتفاق الإطاري والذي كان واحدًا من الأسباب التي قادت إلى اندلاع هذه الحرب، فمع شعور “فلول النظام السابق بأنّ هذا الاتفاق يقود إلى تجريمهم أكثر وإلى محاسبتهم وعزلهم حاريوها، وبالتالي فإنّ هذه الحرب هي ضد الخريطة السياسية التي تم طرحها وهي التي وجدت مساندة حتى من الأمم المتحدة، ونجد في المقابل أنّ هناك كتلة أيضًا تكونت مساندة للجيش وهي أصلًا كانت مساندة للنظام السابق، وبالتالي هاتات قوتان سياسيتان متناقضتان، وعليه فإن كل كتلة ترى الأمور وفقًا لمصالحها، لكن عليها اليوم أن تسعى لإنقاذ السودان من النفق المظلم الذي يسير به الآن.