خاص | للحديث عن آخر التطورات السياسية والميدانية.. “بوليتكال كيز” تجري حوارًا مع “إمام الحلو” رئيس لجنة السياسات بحزب الأمة السوداني
أجرت “بوليتكال كيز | Political Keys” حوارًا خاصًا مع “إمام الحلو” رئيس لجنة السياسات بحزب الأمة بالسودان للحديث عن آخر التطورات السياسية والميدانية في السودان.
فعن رأيه بالحلول الواجب اتباعها لإنهاء الأزمة والحرب في البلاد، قال الحلو، “الأزمة السودانية طبعًا متشعبة، ولكن قبل هذه الحرب كانت هناك أزمة متشعبة أيضًا. أبرزها، مسألة الشرعية، حيث لدينا مشاكل هيكلية مزمنة تتمثل في ثلاثة جوانب رئيسية، أولًا: موضوع الدستور، فمنذ استقلال البلاد حتى الآن، لا يوجد دستور دائم ومستقر تحتكم له الدولة السودانية في إدارة شؤون البلاد. سواء في جنوب السودان أو غرب السودان أو الشرق والجنوب الشرقي، فإن النزاعات والحروب مستمرة ولديها أسبابها”.
وتابع: “ثانيًا، فشل الحكومات في إدارة التنمية بشكل متوازن وناجح، وهو ما تسبب في عدم الاستقرار والتداول بين حكم عسكري مستمر ومستدام وفترة ديموقراطية قصيرة وانتقالية. ثالثًا، الأزمة الحالية المتمثلة في الحرب الداخلية بين فصيلين من الفصائل العسكرية في السودان، الجيش والدعم السريع. هذه الحرب غير مسبوقة، فقد تجاوزت مفهوم النزاع الداخلي التقليدي، سواء كان على مستوى حركات ثورية أو نزاعات داخلية بين القبائل أو المناطق. هذه الحرب دمرت وأهلكت الإنسان والزراعة، ولذلك يجب على كل السودانيين العمل على وقفها”
كما “ينبغي على السودانيين رفض هذه الحرب والعمل على مقاومتها وإيقافها في أسرع وقت، لأن استمرارها يسبب مزيدًا من الهلاك والتفكك للدولة، وقد يؤدي إلى تقسيم البلاد وصعوبة إعادة تجميع أوصال السودان مرة أخرى بشكل ممكن”.
وأردف الحلو، “الحلول لوقف هذه الحرب تتطلب جلوس طرفي القتال إلى طاولة الحوار والمفاوضات للعمل على كيفية وقف الاعتداءات ثم وقف إطلاق النار، ثم فصل القوات المتحاربة، والاتفاق على ترتيبات انتقالية تقودها قوى سياسية متفق عليها لإدارة فترة مؤقتة تنتهي بوضع دستور يتم الاتفاق عليه، سواء بواسطة استفتاء شعبي أو جمعية تشريعية منتخبة تحدد هياكل الحكم ونظامه المتفق عليه، بعد ذلك، يمكن الانتقال إلى مرحلة سلام دائم يتعايش فيها جميع السودانيين في وطن أفضل، والبدء في مشاريع التنمية التي تحافظ على كرامة الإنسان السوداني وتستفيد من ثرواته الهائلة. هذا هو الطريق الوحيد لمعالجة هذه الأزمة”.
خلاف حول وجهات النظر
أما عن صحة وجود خلافات داخل حزب الأمة بشأن خريطة طريقة لحل الأزمة في السودان، وعن مدى تأثير تلك الخلافات في تعميق أزمة الصراع السياسي العام داخل أروقة الحزب، أوضح رئيس لجنة السياسات في الحزب، “نعم، هناك اختلاف في وجهات النظر حول بعض القضايا الأساسية المتعلقة بالتحالفات داخل حزب الأمة. هذه الاختلافات تتعلق بمسار العمل السياسي والعمل المدني. وقد ظهرت هذه الاختلافات نتيجة لعدم قدرة المؤسسات الرئيسية والمكتب السياسي على ممارسة مهامها، بسبب الحرب الحالية”.
وأشار إلى أنّ “المكتب السياسي لحزب الأمة يتكون من ممثلين لكل ولاية في السودان، وكان من الصعب عقد اجتماعاته داخل البلاد لتحديد خريطة الطريق والخط العام فيما يتعلق بالتحالفات. كما تعلم، مسألة التحالفات هي القضية الأساسية التي تدور حولها هذه الاختلافات في وجهات النظر. بخلاف ذلك، لا توجد اختلافات داخل وكالات حزب الأمة فيما يتعلق بوقف الحرب وإنهائها أو بالقضايا الوطنية الأساسية. في أكتوبر الماضي، عقدت اجتماعات المكتب السياسي في مدينة ود مدني بالجزيرة بعد خمسة أشهر من بدء الحرب. ولكن الآن، هناك محاولات لعقد اجتماعات المكتب السياسي خارج السودان في إحدى الدول الشقيقة لوضع السياسات العامة والنظام المؤسسي المعتمد داخل حزب الأمة”.
وتابع: “هذه الاختلافات تنبع من الانقسام داخل المجتمع السوداني تجاه الحرب الجارية. هذا أمر طبيعي نتيجة للحرب الإعلامية المستمرة كما ترى في وسائل الإعلام المختلفة، حيث يوجد استقطاب لطرفي النزاع. ولكن غالبية الشعب السوداني يرفض هذه الحرب، لأنه المتضرر الأول منها. رغم اختلافات بعض القيادات داخل مؤسسات حزب الأمة، فإنها لن تؤثر على الصراع السياسي العام، لأن الصراع السياسي الحالي يدور حول طرفي القتال والرافضين للحرب. كما أنّ كل من يطالب بوقف الحرب يوصف بالخيانة، ولكن الشعب السوداني يريد وقف الحرب دون شروط”.
هل حزب الأمة داعم لأي من طرفي الحرب؟
وفيما يتعلق باتهام حاكم إقليم دارفور للحزب بأنه داعم لقوات الدعم السريع في الحرب ضد الجيش السوداني، وعن موقف الحزب من ذلك، أكد الحلو، “موقفنا منذ بداية اندلاع هذه الحرب كان واضحًا. كنا أول تنظيم سياسي أصدر بيانًا تقريبًا في نفس يوم الحرب، وأطلقنا مبادرة لتشكيل لجنة من ثلاثة أعضاء من كل طرف، بالإضافة إلى خمسة شخصيات قومية موثوق بها للجلوس وإيجاد حل للنزاع المدمر. نحن لا ندعم الجيش ولا الدعم السريع في هذه الحرب، بل نسعى للتواصل مع الطرفين للتوسط ودعم الحل التفاوضي السلمي بينهما. لا يمكننا تحقيق النجاح في التوصل إلى حوار بين الطرفين إذا كنا منحازين إلى طرف دون الآخر. نحن نتعامل على مسافة واحدة من طرفي القتال، وهذا ينبع من موقفنا الرافض لهذه الحرب”.
وأردف: “أما تصريحات السيد حاكم إقليم دارفور واتهاماته الجزافية، فهي تعبر عن موقف يائس وغير متماسك. كما ذكر، كان في موقف حياد لمدة 11 شهرًا، ثم انحاز، فهل كان تقديره السابق خاطئًا عندما قرر مع زملائه في الحركات المسلحة عدم الانحياز في هذه الحرب. اتهامات حزب الأمة هي اتهامات جزافية وليست مستندة إلى أي وقائع. اتهام الحزب بأن بعض أعضائه مشاركون في أي ترتيب لحكم أي ولاية غير صحيح. كيف يمكن أن يكون حزب الأمة داعمًا لهذه الانتهاكات وهذه الجرائم، سواء كانت مرتكبة من قبل الجيش أو الدعم السريع؟ على السيد حاكم إقليم دارفور، بصفته حاكم الإقليم، أن يعمل على وقف هذه الحرب لا تأجيجها”.
هل يوجد انقسامات داخل حزب الأمة؟
أما فيما يتعلق بوجود انقسامات داخل حزب الأمة من موقفهم من الجيش السوداني والدعم سريع، قال رئيس لجنة السياسات، “قيادة حزب الأمة متفقة على أن هذه الحرب مرفوضة، ويسعى الحزب لإيجاد وساطات لإيقافها. مسلكنا هو الحوار الوطني، نحن لا نتعامل بالنار أو الأسلحة أو القتال، بل نتحدث بما نملك من قدرة على تفعيل روح الحوار والتفاوض بين الأطراف المتحاربة. هذا هو الخط الثابت لحزب الأمة وقياداته. لا شك أن عدم انضمام حزب الأمة لهذه الحرب، ورفضه لدعم أي فصائل إرهابية أو ذات نزاعات في دول أخرى، يُبقي السودان في مساره الصحيح ويجنب البلاد التورط في صراعات إضافية”.
أما عن الانتقادات التي طالت بيان حزب الأمة بشأن جريمة “ود النورة” بولاية الجزيرة على يد قوات الدعم السريع، أوضح الحلو، “كان بيان حزب الأمة لحادثة ود النورة وافيًا، وسبقه بيان إدانة للجريمة التي حصلت في الكومة بشمال شرق دارفور، حيث تعرضت لضربات قاسية من الجيش السوداني. لا شك أن جريمة ود النورة جريمة بشعة، وقد أدانها الحزب بشدة، من ناحية إنسانية ومن ناحية انتماء أغلب السكان لحزب الأنصار. البيان كان واضحًا في إدانته للدعم السريع مهما كانت المبررات التي اختلقها الدعم السريع. هذه البيانات توضح موقف الحزب السياسي والإنساني بجلاء”.
أما عن كون الفاشر آخر معاقل الجيش السوداني، وسقوطها في يد الدعم السريع سيسبب كارثة إنسانية، أوضح رئيس لجنة السياسات بالحزب، “مدينة الفاشر هي عاصمة إقليم دارفور، والذي يتكون من خمس ولايات. لذلك، تُعتبر الفاشر مدينة مهمة من الناحية الاستراتيجية والاقتصادية والسياسية، وتمثل قلب إقليم دارفور الذي عانى من حروب منذ عام 2003. الفاشر هي واحدة من المدن الرئيسية في السودان، وقد أصبحت ملجأً للكثير من المواطنين الذين نزحوا من مدن أخرى بسبب المعارك بين الطرفين. الآن، يقطن في المدينة أكثر من مليون مواطن، مما يخلق كثافة سكانية كبيرة في منطقة محدودة”.
وأردف: “إذا تعرضت الفاشر للقصف، فإن عدد القتلى والجرحى من المدنيين سيكون كبيرًا وغير مسبوق. لذا، من الضروري وقف الحرب والحصار الذي تتعرض له المدينة لمنع حدوث كارثة إنسانية. المنظمات الدولية، وعلى رأسها الأمم المتحدة، تنادي بوقف المعارك في الفاشر وإتاحة الفرصة للمدنيين المحاصرين للخروج أو التنقل، كما يمكن ملاحظة في بيان مجلس الأمن الأخير. سقوط الفاشر في يد الدعم السريع سيعطي مؤشرات سلبية، حيث يعني أن إقليم دارفور بالكامل سيصبح تحت سيطرة الدعم السريع، مما يسبب خللاً وعدم استقرار ويمنع السلطات المحلية من أداء مهامها وواجباتها. هذا الوضع يؤدي إلى مشاكل في توصيل الخدمات الأساسية، وانقطاع الطرق للإمدادات الغذائية والاحتياجات الإنسانية لكثير من المناطق، مما يسرع من حدوث المجاعة الكبيرة التي يحذر منها الجميع”.
وأردف الحلو: “نحن الآن في فصل الخريف، وهو الموسم الزراعي، ويجب أن يُسمح للناس بالخروج لمواصلة زراعة محاصيلهم من أجل البقاء. سقوط الفاشر في يد الدعم السريع يسبب انتقالاً محورياً للحرب، ولهذا ندعو الطرفين لوقف الاقتتال في المدينة وعدم الاستجابة للاستفزازات، والاحتكام إلى مكونات المجتمع داخل الفاشر. الفاشر كان لديها مبادرة طوال فترة الحرب، قام بها أعيان المدينة، للتوصل إلى تفاهمات مع طرفي القتال لعدم إدخال المدينة في المعركة، وتم التوصل إلى هذه التفاهمات لفترة طويلة. ولكن الآن، نشهد اعتداءات من الطرفين على المدنيين داخل الفاشر، وهذا شيء مرفوض. مطلوب من جميع السودانيين العمل على وقف الحرب في كل مدن السودان، وليس في الفاشر فقط. يجب أن يكون هناك ضغط شعبي في كل المدن والقرى لتحقيق هذا الهدف”.
وأكد “أعتقد أن هذه الحرب، بطبيعة الحال، تفتح الباب للتدخلات الدولية والإقليمية، حيث يتلقى طرفا النزاع إمدادات من أسلحة وذخائر ودعم سياسي ولوجستي من دول عديدة لها مصلحة في تصعيد هذه الحرب وتدمير بنية القوة العسكرية السودانية. هذه الدول تستفيد من ثروات السودان من ذهب وأحجار كريمة ومعادن وثروات حيوانية وأراضٍ. كل هذه الثروات تصبح نهبًا للقوى الأجنبية إذا استمرت هذه الحرب واستنزفت جميع الأطراف”.
أما فيما يخص وجود ضغوطات دولية على طرفي الصراع لإنهاء الحرب والبدء بمفاوضات جادة في سبيل ءلك، أفاد الحلو، “يسعى المجتمع الدولي والإقليمي الآن للتفاهم مع الطرفين، وقد بدأت أولى هذه المجهودات في منبر جدة برعاية المملكة العربية السعودية الشقيقة والولايات المتحدة. وقد خطا منبر جدة خطوات منذ أيار/ مايو، أي بعد شهر من بداية الحرب، وتلقى دعمًا من دول عدة. يبذل منبر جدة جهدًا كبيرًا لإعادة طرفي القتال إلى طاولة التفاوض. كذلك، على المستوى الإقليمي، قامت العديد من المنظمات بمبادرات، مثل الاتحاد الإفريقي والإيقاد ودول الجوار. أطلقت مصر الآن مبادرة مختلفة عن المبادرات الأخرى، حيث دعت كل السودانيين بمختلف شرائحهم السياسية والمدنية والمجتمعية لاستضافتهم في مؤتمر. يهدف هذا المؤتمر إلى جلوس الأطراف السودانية والتداول في أمر هذه الحرب والاتفاق على أسس يمكن من خلالها مخاطبة الطرفين كوحدة سودانية. أعتقد أن هذه مبادرة مختلفة ينبغي التعامل معها بجدية، فهي محاولة جادة من دولة شقيقة متأثرة بهذه الحرب بطرق مختلفة”.
وفيما يتعلق بموقف الحزب من مبادرة القاهرة للم الفرقاء السودانيين من أجل وضع أساس وقوانين واضحة لإنهاء الأزمة، قال الحلو، “المبادرة المصرية تتضمن استضافة تجمع يشمل جميع السودانيين من القوى السياسية والمدنية والمجتمعية للجلوس معًا ضمن إطار محاور تقترحها مصر. يهدف المؤتمر إلى أن يتباحث السودانيون حول هذه المحاور بحضور داعمين دوليين مقيمين للمساعدة في التوصل إلى توحيد الرأي والموقف لوقف هذه الحرب.
وتابع:”كان من المتوقع أن تبادر مصر منذ البداية بحكم العلاقات الخاصة والخصوصية بين الشعبين والدولتين للعمل على وقف هذه الحرب والتواصل مع الطرفين. الآن، تأتي هذه المبادرة بمسار جديد ومختلف في توجهاتها. أعتقد أنه إذا نجحت مصر في عقد هذا المؤتمر والخروج بقرارات واضحة يتفق عليها السودانيون، فسيكون ذلك موقفًا متقدمًا وناجحًا في إنهاء هذه المأساة التي يعيشها الشعب السوداني نتيجة لهذه الحرب”.
هل آل المهدي هم من يسيطرون على مجموعة “تقدم”؟
أما فيما يتعلق بالكلام الذي يقال عن أنّ آل المهدي هم من يسيطرون عل مجموعة تقدم التي تقود الجهود لحل خلافات طرفي الصراع في الداخلي السوداني، أجاب الحلو، “بالطبع، هذا الكلام غير صحيح. آل المهدي لا يشكلون مكونًا أو جسمًا باسم آل المهدي في الساحة السياسية. هم موزعون في أحزاب كثيرة، خاصة أحزاب الأمة، يوجد منهم من هو في الحزب الشيوعي، الحركة الإسلامية، والمؤتمر الوطني. لذلك، لا يوجد كيان باسم آل المهدي. بعد المؤتمر التأسيسي، تم انتخاب صديق المهدي كأمين عام لتقدم، وذلك بانتخاب من داخل فصائل تقدم التي تمثل حزب الأمة وضمن تحالف الحرية والتغيير. ولكن لا يوجد أحد من آل المهدي في مؤسسات حزب الأمة بالشكل الذي يتحدث عنه بعض الناس، وتقدم هو جسم تحالفي يضم في غالبيته قوى مدنية، بحيث لا تمثل القوى السياسية جزءًا مؤثرًا فيها.
وختم “الأغلبية تنتمي للمنظمات المجتمعية، والتجمعات الأهلية، والمدنية، والدينية، والقوى السياسية لا تمثل غالبية، وفي داخل القوى السياسية يوجد حزب الأمة كجزء بسيط جدًا. لكن، بحكم ثقله السياسي، لديه دور في توجهات تحالف الحرية والتغيير وتحالف تقدم، وحزب الأمة هو الحزب الذي يدعو إلى وقف هذه الحرب، كما ترى، وكذلك مجموعة تقدم تسعى لوقفها”.