خاص | للحديث عن آخر التطورات السياسية في السودان… “بوليتكال كيز” تجري حوارًا مع الباحث في الشأن الإفريقي عمار سيغة
أجرت “بوليتكال كيز | Political keys” حوارًا خاصًا مع الكاتب والباحث في الشأن الإفريقي الدكتور عمار سيغة للحديث عن آخر التطورات السياسية في السودان.
وعن رأيه في مستقبل السودان في ظل عدم وجود أي حل سياسي يلوح بالأفق خلال الوقت الحالي قال الدكتور سيغة، إنّ “السودان و ما يعيشه من طول أمد الأزمة و الصراع وسط تجاذبات دولية وإقليمية ، نعتقد أن المؤامرات أصبحت جلية حيال الوضع المأزوم في السودان، كما أنّ الدور السلبي غير المسبوق لدول إقليميين (دولة الإمارات العربية المتحدة) هذا الأمر الذي طالما غذى العديد من التوترات في الفضاء الجيوسياسي للشرق الأوسط و ها هو الآن ينتقل الى الفضاء الجيوسياسي الإفريقي”.
وتابع: “وعلى الرغم من الشراكة الإقليمية إلا أن الأجندات الضيقة التي تغذيها المخططات الصهيونية لضرب و زعزعة الاستقرار و الأمن في السودان الذي لم تكتفي هذه المخططات بتقسيمه بل هي الآن تخطط لتقسيم المقسم، لاسيما و أن هناك حديثًا عن انفصال الشرق عن الغرب هذه المرة و هذا ما لا نتمناه للسودان الشقيق، الأزمة الأمنية التي طال أمدها أدخلت البلاد في دوامة من الأزمة الإنسانية و الاقتصادية و أرجعت الاقتصاد السوداني سنوات إلى الخلف لتقضي بذلك على حلم الشعب السوداني في العيش في كنف الحرية والأمن و الاستقرار.
لماذا فشلت المساعي الإقليمية في حل الأزمة السودانية؟
أما فيما يخص فشل المساعي الإقليمية في حل الأزمة، فاعتبر الباحث في الشأن الإفريقي، أنّ “فشل المساعي الإقليمية لحل الأزمة في السودان مرجعه حسب اعتقادنا لافتقار الدول المبادرة إلى مبدأ الحيادية و الشفافية في الوساطة لعل أهمها مبادرة “إيغاد”، و تراجع مستويات الثقة في تلك الدول الإقليمية التي طالما تخندقت إلى جانب القوى المتمردة في السودان، و كذلك تعنت قوات الدعم السريع و عدم القبول بمقترح حل المليشيا المذكورة لافتقادها للنظامية و الهيكلة، وذلك لوحده عقبة حقيقية في توحيد الجيش السوداني و الإبقاء على حالة الانقسام، علمَا أن دور مليشيا الدعم السريع قد انتهى مع نهاية الحرب بين السودان وإقليم دارفور لتبقى قوات الدعم السريع تصنع حالة اللانظام في المشهد السياسي و العسكري السوداني وفق منطق القوة”.
وأردف: “لعل الثقة التي تتمتع بها الجزائر سواء في المجموعة العربية أو الإفريقية كفيلة بلعب أدوار الوساطة وحل الأزمة في السودان، لاسيما وأن قائد أركان الجيش السوداني الحاكم قد زار مصر و تشاور مع الرئاسة المصرية قبل حلوله في الجزائر، هذه الزيارة التي تعد الثانية بعد مشاركة البرهان في تشرين الثاني/ نوفمبر 2022 في القمة العربية في الجزائر، وذلك لاعتبارات تتعلق أساسًا بدور الجزائر الحالي في عضوية غير دائمة في مجلس الأمن الدولي و قيادة القاطرة الإفريقية دبلوماسيَا و هي التي وضعت ضمن أهدافها الاضطلاع بتطلعات و آمال الدول الإفريقية و العربية في مجلس الأمن الدولي”.
هل تنجح المبادرة المصرية – الإماراتية بحل الأزمة؟
أما فيما يتعلق بالحديث عن مبادرة مصرية إماراتية لحل الأزمة، ومدى تقبل أطراف الصراع لوساطة أبو ظبي، أوضح سيغة، “نعتقد أنه في الوقت الراهن بالنسبة للإمارات لا يمكن أن تنجح كوسيط وذلك نظرًا لما بات مكشوفًا من تآمرها على أمن واستقرار العديد من الدول على الصعيدين العربي و الإفريقي، وتراجع عامل الثقة في دورها لاسيما بعد التوتر الذي حدث مؤخرًا وإجلاء دبلوماسيين إماراتيين بشبهة التآمر و التخطيط لضرب سلامة وأمن السودان الذي يعيش وضعا مأساويًا بامتياز ، أما عن الدور المصري فتبقى فعاليته مرهونة باستمرار العدوان الصهيوني على قطاع غزة و انشغال الدبلوماسية المصرية بحلحلة الوضع في الأراضي المحتلة و تراجع محسوس لمستويات التأثير المصري في الملف السوداني في الآونة الأخيرة”.
وتابع سيغة: “إنّ الدعم الجزائري و الذي صرح به الرئيس عبد المجيد تبون، نعتقد أن ادراك السلطة السيادية القائمة في السودان للدور الجزائري من شأنه وضع الثقل الدبلوماسي على كاهل الجزائر لإدراكها بمفاتيح الأزمة الأمنية في السودان، و قد أعرب الرئيس الجزائري عن قبوله إي طاولة حوار من شأنها حلحلة الأزمة الأمنية في السودان و التي وضعت ثقتها و صوتت لصالح الجزائر في انتخابها لعضوية مجلس الأمن الدولي، و هي التي طالما أكدت على التزامها بحل الأزمات و التوترات في القارة الإفريقية”.
وأشار الكاتب السياسي، إلى أنّ “الجزائر من خلال عضويتها في مجلس الأمن الدولي يمكنها لعب أدوار متعددة لحل الأزمة الأمنية في السودان، و لعل مساعي الجزائر تتكلل بالنجاح، سيما وأنّ مستويات الثقة موجودة، وكذا غياب أي خلفية مصالح لدى الجزائر غير تلك المشتركة المتقاطعة مع العلاقات الاقتصادية الجزائرية السودانية، وكذلك وجود البعد التنموي و الاقتصادي في التمدد الجزائري إفريقيا من شأنه لعب أدوار مابعد الحرب في إعادة إعمار و ضخ قروض استثمارات في السودان لتحريك عجلة التنمية الاقتصادية في السودان، علمًا أن الجزائر قد أبرمت عقودًا اقتصادية هامة قبل اندلاع الحرب في السودان في مجال استيراد اللحوم من السودان و كذلك عقود تبادل تجاري في المجالين الفلاحي و الزراعي”.
أما عن المشهد الإنساني المأزوم في السودان، فأوضح سيغة، أنّ “استمرار المعارك من شأنه أن يحد من مستويات الإغاثة و الدعم الدوائي و الغذائي للمناطق المنكوبة في السودان، و كذلك يساهم في ترحيل المنظمات الإنسانية العاملة في السودان لأفرادها من مخاوف الاستهداف والقتل بنيران الحرب الدائرة هناك ، ونعتقد أن الوضع سينذر بأزمة إنسانية حقيقية، إذ ستدفع الحرب المستعرة السكان إلى الهجرة نحو دول الجوار كليبيا ومصر و إثيوبيا مما سيوسع من دائرة المأزق الإنساني و يصعب من مساعي المنظمات الدولية لتقديم المساعدات اللازمة للسكان الفارين من مناطق القتال في السودان”.