ملفات خاصة

مناورات “الأسد الإفريقي”.. شراكة أمريكية مغربية وثيقة وحضور إسرائيلي

تشهد منطقة شمال إفريقيا تحركات عسكرية واسعة النطاق من خلال أكبر مناورة متعددة الجنسيات تنظمها القيادة العسكرية الأمريكية في إفريقيا (أفريكوم)، بمشاركة المغرب، الذي يستضيف النسخة الحادية والعشرين من مناورات الأسد الإفريقي في الفترة الممتدة من 12 إلى 23 أيار/ مايو.

ويُتوقع أن تبلغ هذه النسخة مستوى غير مسبوق من حيث الحجم والتعقيد، بمشاركة تفوق عشرة آلاف جندي من نحو أربعين دولة موزعين على ستة مواقع داخل التراب المغربي، وسط سياق إقليمي يتسم بالاضطراب الأمني في الساحل، ونشاط ميليشيات مثل فاغنر، والتوتر المستمر في ليبيا.

وفي تطور نوعي، دخلت طائرات أباتشي الهجومية من طراز AH-64E الخدمة في سلاح الجو الملكي المغربي، بعد وصول الدفعة الأولى عبر ميناء طنجة المتوسط أواخر شباط/ فبراير، هذه المروحيات، وعددها 6 من أصل 24 طلبها المغرب من الولايات المتحدة، تعزز القدرات العملياتية الجوية للرباط بشكل نوعي، خصوصًا في مهام الاستطلاع والدعم الناري والتنسيق مع الطائرات دون طيار، وقد تم تدريب 24 عنصرًا من القوات الجوية المغربية ضمن برنامج إشراف أمريكي مباشر.

زيارة الجنرال مايكل لانغلي، قائد أفريكوم، إلى قاعدة خريبكة الجوية، وتأكيده على الشراكة الإستراتيجية مع المغرب، تشير إلى مستوى متقدم من التنسيق العسكري بين البلدين، مع تصنيف المغرب كشريك رئيسي من خارج حلف الناتو، هذا الدعم العسكري والتقني يأتي في وقت تحاول فيه الولايات المتحدة تعزيز نفوذها الأمني في إفريقيا، وتحديدًا في مناطق النفوذ الروسي المتنامي.

من جهة أخرى، تأكدت “بوليتكال كيز | Political Keys” عبر مصادر استخبارية وإعلامية مشاركة إسرائيل في المناورات، بعد أن كانت مشاركتها سرية في نسخ سابقة.

الاهتمام الإفريقي بأساليب الحرب الحضرية التي تطبقها إسرائيل يعكس تغييرًا في طبيعة التحديات الأمنية التي تواجهها جيوش القارة، حيث تصبح القوات غير النظامية والتهديدات غير التقليدية مثل التمردات المحلية مصدر قلق مشترك.

مشاركة وحدات قتالية مثل لواء غولاني، المعروف بخبرته في العمليات الحضرية وتكوينه العقائدي، تعكس رغبة إسرائيل في تصدير خبراتها ضمن سياق إقليمي يتداخل فيه الأمن بالسياسة.

مشاركة إسرائيلية على الأراضي المغربية تزامنت مع انسحاب مفاجئ وغير معلن للجزائر، التي كانت مدرجة سابقًا ضمن قائمة الدول المراقبة للمناورات.

توقيت هذا الانسحاب، المتزامن مع تأكيد التواجد الإسرائيلي، يرجّح أنه قرار دبلوماسي تفاديا لأي احتكاك رمزي أو عملي على الأرض، وعلى الرغم من مؤشرات سابقة لانفتاح دبلوماسي جزئي بين الجزائر وواشنطن، وحتى تلميحات من الرئيس الجزائري بشأن تحول في الموقف تجاه إسرائيل، إلا أن هذا الانسحاب يعكس استمرار الحذر الجزائري من أي تقارب مع تل أبيب، خصوصًا في ظل علاقات الجزائر الوثيقة بموسكو وتناقض المواقف بشأن الصراع في الساحل، خصوصًا في مالي.

ضمن هذا السياق، اختار المغرب بدوره التهدئة، عبر خطوة محسوبة تمثلت في إلغاء مرحلة ميدانية من التدريبات كانت مقررة في منطقة المحبس القريبة من الحدود الجزائرية، هذه الخطوة تشير إلى رغبة الرباط في احتواء التوترات المتصاعدة مع الجزائر، رغم استمرار الخلافات العميقة، وهو ما يعكس استراتيجية مغربية تعتمد على توازن دقيق بين تعزيز الشراكات الدفاعية وتفادي التصعيد المباشر مع الجار الشرقي.

Political Keys

منصة إخبارية مستقلة، سياسية منوعة، تسعى لتقديم تغطية إخبارية شاملة وفق أعلى معايير المهنية والموضوعية، وأن تكون الوجهة الأولى للمعلومات والتقارير الاستقصائية الخاصة، وأن توفر رؤىً وتحليلاتٍ جديدةً ومعمقةً للقرّاء والمتابعين، تمكنهم من فهمٍ أعمقَ للأحداث والتحولات السياسية والاقتصادية والاجتماعية في الشرق الأوسط والعالم.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى