تركيا تجري مفاوضات مكثفة مع العراق ودولتين خليجيتين حول مشروع “كبير”… وصحيفة غربية تكشف التفاصيل
كشفت صحيفة “فايننشال تايمز”، في تقريرها المدفوع، اليوم الأحد 17 أيلول/ سبتمبر، عن معلومات خاصة، تفيد بأن تركيا تجري مفاوضات مكثفة حول ممر تجاري بين الهند والشرق الأوسط وأوروبا، بدل الممر الذي تم طرحه في قمة مجموعة العشرين الأخيرة في نيودلهي.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي حصلت “بوليتكال كيز | Political Keys” على نسخة منه إن “تركيا تجري مفاوضات مكثفة حول بديلها لخطة الممر التجاري بين الهند والشرق الأوسط وأوروبا التي تم الاتفاق عليها في قمة مجموعة العشرين هذا الشهر، حيث تسعى البلاد إلى تعزيز دورها التاريخي كطريق نقل للسلع من آسيا إلى أوروبا”.
وأضافت “فايننشال تايمز” في تقريرها الذي ترجمته “بوليتكال كيز | Political Keys” أن “أنقرة عارضت المسار المقترح بين الهند والشرق الأوسط وأوروبا، الذي من شأنه نقل البضائع من شبه القارة الهندية عبر الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية والأردن وإسرائيل إلى الأسواق الأوروبية”.
وأشارت إلى أن “الممر المطروح، بدعم من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي في محاولتهما صد نفوذ الصين المتنامي، سوف يتجاوز تركيا بالكامل”.
وقال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، بعد قمة مجموعة العشرين، إنه “لا يمكن أن يكون هناك ممر بدون تركيا”، مضيفًا أن “الطريق الأنسب للتجارة من الشرق إلى الغرب يجب أن يمر عبر تركيا”، وفقًا لفايننشال تايمز.
ومنذ ذلك الحين، ضاعف وزير خارجية تركيا هاكان فيدان من حدة الشكوك، وأصر هذا الأسبوع على أن “الخبراء لديهم شكوك في أن الهدف الأساسي لممر الهند والشرق الأوسط هو العقلانية والكفاءة”، وأشار إلى وجود “المزيد من المخاوف الجيواستراتيجية”، وقال إن “طريق التجارة لا يعني فقط تلبية التجارة وحدها، إنها أيضا انعكاس للمنافسة الجيواستراتيجية”، بحسب فايننشال تايمز.
ونوهت الصحيفة إلى أن “تركيا تحرص على التأكيد على دورها التقليدي كجسر بين الشرق والغرب، وهو تاريخ يعود إلى قرون مضت مع ظهور طرق الحرير”.
وتابعت: “روجت أنقرة لبديل يسمى مبادرة طريق تنمية العراق، حيث أصر فيدان على أن مفاوضات مكثفة جارية مع العراق وقطر والإمارات العربية المتحدة حول المشروع الذي سيتم تشكيله في غضون الأشهر القليلة المقبلة”.
ووفقا لما جاء في تقرير فايننشال تايمز، سينقل الطريق المقترح الذي تبلغ تكلفته 17 مليار دولار البضائع من ميناء الفاو الكبير في جنوبي العراق عبر 10 محافظات عراقية إلى تركيا، وستعتمد الخطة على 1200 كيلومتر من السكك الحديدية عالية السرعة وشبكة طرق موازية.
ويتكون المخطط من ثلاث مراحل، تهدف الأولى إلى الانتهاء في عام 2028 والأخيرة في عام 2050، لكن المحللين يقولون إن هناك مخاوف بشأن جدوى مشروع طريق التنمية لأسباب مالية وأمنية، بحسب الصحيفة.
ونقلت فايننشال تايمز عن إيمري بيكر، مدير أوروبا في مجموعة أوراسيا البحثية، قوله إن “تركيا تفتقر إلى التمويل اللازم لتحقيق النطاق الكامل للمشروع، ويبدو أنها تعتمد على الدعم الإماراتي والقطري لبناء البنية التحتية المقترحة”، مضيفًا: “لكي يحدث ذلك، يجب أن تقتنع دول الخليج بالعوائد الجيدة على الاستثمار، وهو أمر ليس واضحا بشكل وشيك في مشروع طريق التنمية”.
وزعمت فايننشال تايمز أن “العراق يعاني من الفساد المستشري، والبنية التحتية المتدهورة، والحكومة الضعيفة، ونوبات منتظمة من عدم الاستقرار السياسي”، لتضيف: “من غير الواضح أيضًا كيف سيمول العراق المشروع، وقد أشار المحللون والدبلوماسيون الغربيون أيضًا إلى أن ممر مجموعة العشرين المقترح قد يستغرق عقودًا من الزمن، إذا تم تحقيقه على الإطلاق”.
وتوقعت فايننشال تايمز أن “يحصل أردوغان على فرصة لعرض قضيته في، إذا التقى بنظيره الأمريكي جو بايدن على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة الأسبوع المقبل”.
وختمت الصحيفة الغربية تقريرها بتصريح لمراد يشلتاش، مدير دراسات السياسة الخارجية في “سيتا”، وهي مؤسسة فكرية لها صلات بحكومة أردوغان، حيث يقول: “إنه على الرغم من الاقتراح البديل، لا يزال بإمكان أنقرة الدفع للانضمام إلى مبادرة الهند والشرق الأوسط، فبالإضافة إلى تسليط الضوء على الموقع الجغرافي المناسب لتركيا للتجارة، يمكن للبلاد أيضًا أن تستعرض نفوذها في المنطقة، خاصة بعد تحسن العلاقات مؤخرًا مع المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، وتتمتع تركيا بنفوذ سياسي كبير في المنطقة وهي قادرة على تسهيل المفاوضات التجارية وحل النزاعات بين الدول المشاركة في الممر”.