خاص | للحديث عن تأثير وصول “بزشكيان” للرئاسة على السياسات الداخلية والخارجية لإيران… “بوليتكال كيز تجري” حوارًا خاصًا مع “محمود حكميان”
أجرت “بوليتكال كيز | Political Keys” حوارًا خاصًا مع العضو في لجنة الشؤون الخارجية في “المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية” محمود حكميان للحديث عن آخر تأثير وصول “بزشكيان” للرئاسة وتأثير ذلك على السياسات الداخلية والخارجية لإيران.
وعن رأيه في أثر وصول التيار الإصلاحي في إيران لمنصب الرئاسة على السياسات الداخلية، خصوصًا فيما يتعلق بالاقتصاد الإيراني المتهالك، والاحتجاجات الشعبية التي خفتت مؤخرًا ومن الممكن أن تعود في أي وقت، وأيضًا ملف الحجاب وحرية التعبير، واعتقالات الناشطين والإعدامات، قال حكميان، “قبل أن نناقش تأثير وصول ما يُسمى بالتيار الإصلاحي إلى منصب الرئاسة في إيران على السياسات الداخلية، يجب أن نذكر حقيقة مهمة، الانتخابات الرئاسية الأخيرة في إيران شهدت مقاطعة واسعة من قبل الشعب، والنظام نفسه أعلن أن نسبة المشاركة كانت أقل من 40%، وبحسب اعترافات النظام، فإن هذه النسبة جاءت بسبب تلاعبات كبيرة، واعترفوا بأن نسبة المشاركة في هذه الانتخابات كانت الأدنى منذ 45 عامًا، ووفقًا لمراقبة وحدات المقاومة وشبكة مجاهدي خلق، كانت نسبة المشاركة الحقيقية 9% فقط، مما يعني أن هذه المقاطعة شملت جميع أركان النظام، سواء كانوا محافظين أم إصلاحيين، مما يوضح أن الشعب الإيراني رفض النظام بأكمله”.
وتابع: “النظام الإيراني يعتمد أساسًا على المرشد الأعلى والمؤسسات المرتبطة به، مما يجعل التغييرات الحقيقية في السياسات الداخلية محدودة جدًا. بالإضافة إلى ذلك، أعلن الرئيس الجديد مسعود بزشكيان مرارًا أنه ينوي الاستمرار في سياسات سلفه إبراهيم رئيسي، مؤكدًا أنه لا يملك برنامجًا خاصًا سوى ما يمليه عليه المرشد الأعلى، علي خامنئي”.
وعن أثر وصول التيار الإصلاحي على السياسات الداخلية، والاقتصاد الإيراني المتهالك أوضح حكميان، “رغم أن التيار الإصلاحي قد يتظاهر بسعيه لتحسين الاقتصاد من خلال سياسات أكثر انفتاحًا والسعي لتخفيف العقوبات الدولية عبر تحسين العلاقات مع الغرب، يظل الفساد المستشري والمؤسسات المرتبطة بالمرشد عائقًا أمام أي جهود إصلاحية حقيقية… نحن في عدة مناسبات أكدنا بأن أي تغيير حقيقي يتطلب إزالة النظام الحالي بكامله لتطبيق إصلاحات جذرية وفعالة”.
أما عن الاحتجاجات الشعبية، فقد “يؤدي وصول التيار الإصلاحي إلى تهدئة الاحتجاجات مؤقتًا عبر تقديم وعود بالإصلاح. ومع ذلك، طالما أن الأسباب الجذرية للاحتجاجات مثل القمع والفساد وسوء الإدارة والفقر والبطالة مستمرة، فإن الاحتجاجات ستظل قابلة للاشتعال في أي وقت، والشعب الإيراني لن يتوقف عن المطالبة بحقوقه وحرياته الأساسية رغم التغيير الظاهري في السلطة، كما أطلقوا شعارًا خلال الانتفاضات موجهًا للنظام برمته (أيها الإصلاحي، أيها الأصولي، انتهت اللعبة)”.
أما عن ملف الحجاب وحرية التعبير، فأكد عضو لجنة الشؤون الخارجية في المجلس الوطني، أنّ “التيار الإصلاحي قد يحاول تقديم بعض التنازلات في ملف الحجاب وحرية التعبير لكسب دعم شعبي أكبر، لكن هذه التنازلات ستكون سطحية وغير كافية… النظام الإيراني الذي يعتمد على الولي الفقيه معروف بتقييده للحريات الأساسية واستمراره في قمع النساء والمعارضين. هذا النظام أثبت طوال خمس وأربعين عامًا الماضية أن حرية التعبير وحقوق المرأة لن تتحقق إلا بتغيير النظام بأكمله”.
أما فيما يخص اعتقالات الناشطين والإعدامات، فاعتبر أنّ “الاعتقالات والإعدامات ستستمر بغض النظر عن هوية الرئيس، لأن السلطة الحقيقية تظل بيد المرشد الأعلى وأجهزته الأمنية، والشعب الإيراني جرب أن النظام يستخدم القمع والإعدام كأدوات لبقاء السلطة ولا يمكن لأي تيار إصلاحي تغيير هذا الواقع دون مواجهة قمع عنيف من النظام”.
وعن أثر وصول التيار الإصلاحي في إيران لمنصب الرئاسة على السياسات الخارجية؟ خصوصًا فيما يتعلق بالعلاقات مع روسيا، والملف النووي، العقوبات، ودعم الميليشيات في العراق وسوريا ولبنان واليمن، ودعم حماس والصراع مع إسرائيل، فأوضح حكميان، “كما أسلفنا في السؤال السابق، في هذا النظام جميع السياسات الأساسية وخاصة ما يتعلق بالسياسات الخارجية بيد المرشد الأعلى علي خامنئي ولا يمكن لأحد أن يغيرها… لهذا السبب نرى طوال عمر النظام أن الرؤساء يتغيرون ولم تتغير السياسات التوسعية للنظام في المنطقة وتبقى ثابتة، ولفهم هذا الموضوع، مسعود بزشكيان نفسه سهّل الأمر لنا حيث كتب مقالًا في صحيفة حكومية رسمية باسم “طهران تايمز” فور فوزه في الانتخابات ورسم خطوطه العريضة لسياساته الخارجية ونستند إليه هنا لنرى ما هي سياساته تجاه قضايا مختلفة في العالم”.
أما عن أثر وصول التيار الإصلاحي على السياسات الخارجية، وأولها العلاقات مع روسيا، أوضح حكميان، أنّ “العلاقات مع روسيا تعتمد على مصالح استراتيجية واقتصادية عميقة، ومن غير المرجح أن تتغير مع وصول التيار الإصلاحي إلى السلطة، وفي مقاله في “طهران تايمز”، رسم مسعود بزشكيان خطوطًا عريضة لسياساته حول العلاقات مع روسيا، حيث قال: “علينا أن نعزز تعاوننا مع روسيا في كافة المجالات لتحقيق توازن في العلاقات الدولية ومواجهة الضغوط الغربية.” هذا يوضح أن بزشكيان يهدف إلى الحفاظ على التحالف مع روسيا وتعزيزه، مما يشير إلى استمرار التعاون في المجالات الاقتصادية والعسكرية”.
وفيما يخص الملف النووي، فأكد أنّ “التيار الإصلاحي قد يحاول إعادة التفاوض مع الغرب بشأن الملف النووي للحصول على تخفيف للعقوبات، ولكن الثقة الدولية بالنظام الإيراني ضعيفة، وقد قال بزشكيان في نفس المقال حول الملف النووي: “إن تطوير القدرات النووية هو جزء من حقوقنا المشروعة وسنستمر في هذا النهج لضمان أمننا الوطني.” هذا التصريح يعكس التزام النظام بمواصلة البرنامج النووي كجزء من استراتيجيته الوطنية، مع محاولة تحقيق توازن بين التفاوض مع الغرب والحفاظ على هذه القدرات”.
أما عن رفع العقوبات فهو “يتطلب تغييرات جوهرية في سياسات النظام الإيراني. التيار الإصلاحي قد يسعى لتحسين العلاقات مع الغرب لتحقيق ذلك، لكن المؤسسات المرتبطة بالمرشد الأعلى تعيق أي تغييرات حقيقية. العقوبات الرئيسية على النظام فرضت بسبب سياساته المتشددة مثل مخططاته للحصول على الأسلحة النووية والصواريخ الباليستية، والتي تظل تحت سيطرة الحرس الثوري، فمسعود بزشكيان يعتبر نفسه جزءًا من الحرس الثوري ومدافعًا عنه، كما أظهر ذلك عندما أدرجت أمريكا الحرس ضمن قائمة الإرهاب، حيث لبس بزشكيان زي الحرس وشارك في البرلمان ليؤكد انتماءه ودعمه للحرس الثوري. بزشكيان كتب في مقاله في صحيفة “طهران تايمز” أن برنامجه السياسي يتماشى تمامًا مع توجهات المرشد الأعلى، مما يشير إلى استمرار السياسات التي أدت إلى العقوبات”.
أما عن دعم الميليشيات في العراق وسوريا ولبنان واليمن، فقال حكميان “دعم الميليشيات في العراق وسوريا ولبنان واليمن هو جزء لا يتجزأ من استراتيجية النظام الإيراني لتوسيع نفوذه الإقليمي، ومن غير المرجح أن يتغير هذا الدعم مع وصول التيار الإصلاحي، والنظام يستخدم هذه الميليشيات لزعزعة استقرار المنطقة والبقاء في السلطة… بعد وصوله إلى الرئاسة، أكد مسعود بزشكيان دعمه لهذه السياسات من خلال رسائل ولقاءات مع ممثلين من سوريا ولبنان”.
وأردف: “كمثال على ذلك، في رسالة وجهها إلى حسن نصرالله، أمين عام حزب الله اللبناني، أكد بزشكيان في 18 تموز/ يوليو على أن “الدعم للمقاومة سيستمر بقوة”. وأوضح بزشكيان أن “دعم المقاومة” يرتكز على سياسات النظام الإيراني وأهدافه الإيديولوجية، وكذلك على توجيهات المرشد الأعلى علي خامنئي، مشيرًا إلى أن هذا الدعم يجب أن يستمر بقوة وثبات”.
وفيما يتعلق بدعم حماس والصراع مع إسرائيل، فاعتبر أنّ “دعم حماس والصراع مع إسرائيل هو جزء من أيديولوجية النظام الإيراني ولن يتغير بشكل جذري مع وصول الإصلاحيين إلى السلطة… كمثال على ذلك، بعد فوزه في الانتخابات، أرسل بزشكيان رسائل تهنئة وأكد على استمرار الدعم لمجموعات ما يسمى بالمقاومة الفلسطينية. في رسالة وجهها إلى قيادات حماس، شدد بزشكيان على التزامه بدعمهم ومواصلة السياسات العدائية تجاه إسرائيل، مؤكدًا أن هذا الدعم يتماشى مع سياسات وأهداف النظام الإيراني الموجهة من قبل المرشد الأعلى علي خامنئي”.
وتابع: “بناءً على ذلك، الدعم للقوى المتشددة في المنطقة والسياسات المعادية لبعض الدول جزء من أيديولوجية النظام الإيراني ولن تتغير بشكل جذري مع وصول الإصلاحيين إلى السلطة”.
أما عن تقييمه للعلاقة بين الرئيس الجديد بزشكيان وخامنئي، فأوضح أنّ “العلاقة بين الرئيس الجديد بزشكيان وخامنئي تتميز بالولاء المطلق، فبزشكيان صرّح مرارًا وتكرارًا بأنه يذوب في المرشد ويعتبر نفسه مطيعًا تمامًا لخامنئي، وفي مقاله في “طهران تايمز”، شدد بزشكيان على التزامه بتنفيذ توجيهات المرشد بحذافيرها، مما يعزز فكرة أن سياساته ستكون انعكاسًا لإرادة خامنئي، وهذه التصريحات تؤكد أن بزشكيان لا يرى نفسه كقائد مستقل بل كمنفذ لسياسات المرشد”.
وعن الفروقات بين حكومة رئيسي وحكومة بزشكيان، قال حكميان، “بزشكيان أكد عدة مرات أنه يريد الاستمرار في نهج رئيسي، ولا يرى فرقًا كبيرًا بين حكومته وحكومة رئيسي، وفي مقاله بـ”طهران تايمز”، أوضح بزشكيان أنه يسعى لتطبيق برامج رئيسي وتوجهاته، مؤكدًا أن حكومته ستتبنى نفس السياسات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، وبزشكيان يعتبر نفسه امتدادًا لحكومة رئيسي، ويرى في استمرارية النهج السابق طريقة للحفاظ على الاستقرار وتنفيذ رؤية المرشد الأعلى دون تغييرات جذرية”.
وختم حكميان كلامه بالقول، “وأخيرًا، أريد أن أؤكد وفقًا للمقاومة الإيرانية، أن مسعود بزشكيان لا يمثل تغييرًا حقيقيًا في سياسة النظام الإيراني، بل هو امتداد لحكومة رئيسي المتشددة ولنظام خامنئي القمعي… السيدة مريم رجوي، رئيسة الجمهورية المنتخبة من قبل المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، أكدت أن بزشكيان مجرد واجهة جديدة للنظام الحاكم، وأن ولاءه الكامل لخامنئي واستمراره في نهج رئيسي يبرهن على ذلك، ورجوي تشير إلى أن بزشكيان يسعى لتطبيق نفس السياسات القمعية والتوسعية التي اتبعها سلفه، مما يعني أن الوضع الداخلي والإقليمي لإيران لن يشهد أي تحسن حقيقي”.
وأردف: “النظام سيستمر في قمع الحريات ودعم الميليشيات في المنطقة لزعزعة الاستقرار، وهو ما يعزز الحاجة إلى تغيير جذري في النظام لتحقيق الديمقراطية والحرية في إيران. إضافةً إلى ذلك، فإن السياسة المساومة والمهادنة مع هذا النظام بذريعة وصول الإصلاحيين إلى السلطة ليست إلا وهمًا، إذ ستعزز هذا النظام في قمع الشعب الإيراني وتمنع إشعال انتفاضة للإطاحة بالنظام. كما ستستمر في سياساته التوسعية والعدوانية في المنطقة وكذلك في مخططاته الإرهابية والنووية على الساحة الدولية”.