خاص | للحديث عن فوز “بزشكيان” بمنصب الرئاسة الإيرانية… “بوليتكال كيز” تجري حوارًا مع نائب مدير مكتب المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية
أجرت “بوليتكال كيز | Political Keys” حوارًا خاصًا مع نائب مدير مكتب المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية في بريطانيا حسين عابديني للحديث عن فوز مسعود بزشكيان بالانتخابات الرئاسية في إيران وتداعيات ذلك على المنطقة والداخل الإيراني
وعن رأيه في أوجه الخلاف بين الإصلاحيين والمتشددين في إيران، قال عابديني: “في الحقيقة، لا يوجد فرق جوهري بين ما يسمى بالإصلاحيين والمتشددين في إيران، وهذا التقسيم هو مجرد لعبة سياسية يستخدمها النظام لخداع الرأي العام الداخلي والخارجي. كما قال الشعب الإيراني في انتفاضاته الأخيرة: “أيها الإصلاحي وأيها الأصولي، انتهت اللعبة”. لقد جرب الشعب الإيراني هذه اللعبة لمدة 45 عامًا وخاصة في فترة سيد محمد خاتمي وأدرك أنه في ظل نظام ولاية الفقيه، لا يمكن أن يكون هناك إصلاح حقيقي”.
وتابع: “يمكن القول بأن غالبية الأطراف كانت متفائلة بوصول محمد خاتمي إلى الرئاسة في إيران عام 1997، وكان هناك أمل واسع النطاق في إمكانية حدوث تغيير إيجابي وفتح صفحة جديدة في تاريخ إيران. الغرب والمجتمع الدولي أبدوا تفاؤلًا وتعاونوا معه على أمل التغيير، بينما كان هناك تفاؤل شعبي داخل إيران، الذين توقعوا إصلاحات سياسية واجتماعية واقتصادية. ومع ذلك، سرعان ما تبددت هذه الآمال عندما واجه خاتمي أول اختبار حقيقي له خلال احتجاجات الطلاب في تموز/ يوليو 1999. بدلاً من الوقوف إلى جانب الطلاب والمتظاهرين السلميين، اتخذ خاتمي موقفًا متشددًا وكان في مقدمة السلطات التي قمعت الاحتجاجات بعنف. في ذلك الوقت، أدلى خاتمي بتصريح تاريخي أشاد فيه بالحرس الثوري والمرشد الأعلى علي خامنئي، قائلاً: “إن الحرس الثوري هو عين وذراع الثورة، وإن المرشد الأعلى هو روح الثورة وضميرها”. هذا الموقف كشف بوضوح أن خاتمي، رغم صورته “الإصلاحية”، كان في النهاية جزءاً لا يتجزأ من النظام ولم يكن مستعداً للتحدي الحقيقي لهياكل السلطة القائمة”.
ماهو موقف المعارضة الإيرانية من الانتخابات الأخيرة؟
أما عن موقف المعارضة من الانتخابات ونزاهتها، فأكد عابديني أنّ “المقاومة الإيرانية، بقيادة السيدة مريم رجوي والسيد مسعود رجوي، ترى أن هذه الانتخابات مجرد مسرحية هزلية، ووفقًا لتقرير الهيئة الاجتماعية لمنظمة مجاهدي خلق الإيرانية داخل إيران، فإن 91% من الناخبين قاطعوا هذه المسرحية الانتخابية في الجولة الثانية، وعدد المصوتين في جميع أنحاء البلاد كان حوالي 5.5 مليون فقط، أي 9% من الناخبين المسجلين. هذه الأرقام تستند إلى عينة علمية ومراقبة 2000 مركز اقتراع في 248 مدينة و60 قرية في 31 محافظة. هذه النسبة المنخفضة للمشاركة تؤكد رفض الشعب الإيراني لهذا النظام بأكمله”.
وأردف: “نحن نؤمن أن التغيير الحقيقي يجب أن يأتي من خارج النظام، من خلال المقاومة الشعبية، ووفقًا للسيدة مريم رجوي، الرئيسة المنتخبة للمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية لفترة انتقال السلطة إلى الشعب الإيراني، فإن هذه المقاطعة الكبيرة هي “لا” شاملة للاستبداد الديني وتصويت الشعب الإيراني الحاسم لإسقاط نظام الملالي وإقامة جمهورية ديمقراطية”.
وفيما يخص السياسة الداخلية المتوقعة لبزشكيان على المستوى الداخلي، فاعتبر نائب مدير مكتب المجلس الوطني للمقاومة الإيرانة، أنه “من المهم أن نفهم أن مسعود بزشكيان ليس سوى دمية أخرى في يد خامنئي، إنه مجرد بيدق تم اختياره لتسخين مسرحية الانتخابات الرئاسية واستمرار لعبة “الإصلاحيين والأصوليين” التي أصبحت محروقة في إيران، وبزشكيان نفسه صرح قبل أيام في جامعة طهران أنه “منصهر في نظام ولاية الفقيه”. هذا يعني أنه لن يكون هناك أي تغيير جوهري في السياسات الداخلية، فالرئيس في النظام الإيراني ليس لديه سلطة حقيقية، والقرارات الرئيسية تُتخذ من قبل المرشد الأعلى علي خامنئي والحرس الثوري”.
وتابع: “رغم خلفية بزشكيان كوزير سابق للصحة في عهد خاتمي وعضويته في البرلمان لعدة دورات، إلا أن هذا لا يعني أنه سيكون قادرًا على إحداث أي تغيير حقيقي. ستستمر سياسات القمع وانتهاكات حقوق الإنسان، وسيزداد الوضع الاقتصادي سوءاً. ما يحدث الآن بانتخاب بزشكيان هو في الحقيقة انعكاس للشرخ الكبير داخل النظام، وهو ما يضاعف من ضعفه. هذا قد يفتح المجال لمزيد من المطالب الشعبية وبدء انتفاضات جديدة، لكن ليس بسبب أي إصلاحات حقيقية من قبل بزشكيان، بل بسبب استمرار فشل النظام في تلبية احتياجات الشعب الإيراني”.
وأردف: “يمكن الإشارة إلى بعض المواقف السابقة له لمعرفة المزيد، في عام 2020، أدان مسعود بزشكيان قرار الولايات المتحدة تصنيف الحرس الإيراني كمنظمة إرهابية، وأشاد بإسقاط الحرس لطائرة أمريكية بدون طيار، ووصفه بأنه رد حازم على العدوان الأمريكي، وأعلن علانية عن استعداده لارتداء زي الحرس مرة أخرى، مؤكدًا على الدور الحاسم للحرس الإيراني في الحفاظ على السلامة الوطنية”.
في عام 2022 ردًا على مقتل مهسا أميني والاحتجاجات التي تلت ذلك، أعرب بزشكيان عن عدم يقينه بشأن سبب وفاتها لكنه دعا إلى الشفافية والتحقيق، وأدان الاحتجاجات، محذرًا من “الأعمال التي يمكن أن تؤدي إلى عدم الاستقرار الوطني”، و”أعرب عن مخاوفه بشأن تصاعد العنف والإضرار بالممتلكات العامة”.
في نيسان/ أبريل 2020 خلال مقابلة مع صحيفة “همدلي” الحكومية، سُئل بزشكيان عن سبب عدم متابعة قضية القتلى خلال احتجاجات نوفمبر 2019. فأجاب: “الذين أعلنوا ذلك دخلوا السجن. لم أذهب إلى السجن. أنت تفعل ذلك وتذهب إلى السجن.” وطالب الصحفيين بالتحقيق وكشف الحقيقة، متسائلًا عن سبب عدم قيامهم بذلك.
أما فيما يخص السياسة المتوقعة لبزشكيان في الملف النووي وغيره من القضايا الاستراتيجية، فأوضح عابديني أنه “من الضروري أن ندرك أن القرارات المتعلقة بالبرنامج النووي وغيره من القضايا الاستراتيجية لا تُتخذ من قبل الرئيس في إيران، هذه قرارات يتخذها المرشد الأعلى والحرس الثوري حصريًا، لكن تصريحات وأفعال بزشكيان تؤكد أنه لن يكون سوى أداة لتنفيذ سياسات النظام دون أي تغيير جوهري”.
وتابع: “خلال حملته الانتخابية، حرص بزشكيان على إظهار توافقه التام مع نهج إبراهيم رئيسي وتوجيهات علي خامنئي. في 10 حزيران/ يونيو، صرح قائلًا: “يجب أن نستمر على نفس الطريق، ليس من المفترض أن نغير المسار. السياسات العامة تعني برامج مستقرة، توصلنا إلى الاستقرار”، وهذا التصريح يؤكد أنه لن يحيد عن النهج الحالي للنظام في جميع القضايا، بما فيها الملف النووي. علاوة على ذلك، على عكس الدعاية الخادعة التي تقوم بها بعض وسائل الإعلام الحكومية التي تحاول تصوير بزشكيان كرمز للتغيير، كشف بزشكيان نفسه عن دوره الحقيقي في مقابلة أجريت معه في 15 حزيران/ يونيو، حيث قال: “لقد انضممت إلى هذه الانتخابات لتوليد الحماس للمشاركة ضد الأعداء الذين يراقبوننا. إذا لم يحضر الناس، فإن بلدنا سيكون في خطر”.
وأردف: “هذا التصريح يظهر بوضوح أن بزشكيان يرى نفسه كأداة لإنقاذ نظام خامنئي الغارق في الأزمات والذي وصل إلى حافة السقوط، وبناءً على هذه المعطيات، نتوقع استمرار النظام في سياساته القمعية داخليًا وتوسعه الإقليمي خارجيًا، كما سيواصل سعيه للحصول على السلاح النووي، مع محاولة خداع المجتمع الدولي من خلال المفاوضات الطويلة والوعود الكاذبة”
وأكد عابدين في هذا السياق، أنه “لن يكون لبزشكيان أي تأثير حقيقي على هذه السياسات الاستراتيجية، بل سيكون مجرد واجهة لتنفيذ قرارات المرشد الأعلى والحرس الإرهابي، مما يؤكد استمرار النهج الحالي للنظام في جميع القضايا الداخلية والخارجية”.
أما عن معالم السياسة الخارجية المتوقعة لبزشكيان في الملفات الهامة، مثل سوريا والعراق ولبنان واليمن والخليج وفلسطين، فاعتبر عابديني أنّ “السياسة الخارجية للنظام الإيراني لن تتغير بتغير الرئيس، وستستمر إيران في التدخل في شؤون دول المنطقة ودعم الميليشيات والجماعات الإرهابية، وفي سوريا والعراق، سيستمر النظام في دعم نظام الأسد والميليشيات الشيعية، وفي لبنان، سيواصل دعم حزب الله، وفي اليمن، سيستمر دعم الحوثيين، أما بالنسبة لفلسطين وإسرائيل، فسيستمر النظام في استخدام القضية الفلسطينية كغطاء لتدخلاته في المنطقة، لأن جميع هذه الملفات ليست بيد الرئيس، بل كلها بيد خامنئي وقوة القدس الإرهابية ولن يتغير شيء بتغيير الرئيس أبدًا، وهذا ما حدث طوال 45 عاماً الماضية في إيران”.
وختم عابديني كلامه بالقول، إن “المقاطعة الواسعة للانتخابات تعكس الرفض الشعبي للنظام بأكمله، كما قالت السيدة مريم رجوي، رئيسة المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية المنتخبة لفترة انتقال السلطة إلى الشعب الإيراني، فإن هذه المقاطعة الكبيرة هي “لا” عامة للاستبداد الديني والتصويت الحاسم للشعب الإيراني لإسقاط نظام الملالي وإقامة جمهورية ديمقراطية. نحن في المقاومة الإيرانية نؤمن أن الحل الوحيد هو إسقاط هذا النظام بالكامل وإقامة جمهورية ديمقراطية تحترم حقوق الإنسان وتعيش بسلام مع جيرانها. هذا ما نناضل من أجله، وندعو المجتمع الدولي لدعم نضال الشعب الإيراني من أجل الحرية والديمقراطية”.