خاص | “المسلخ البشري”… “بوليتكال كيز” تلتقي أحد السجناء المفرج عنهم حديثًا من سجن “صيدنايا” العسكري
أجرت “بوليتكال كيز | Political keys”، حوارًا خاصًا مع “أبو يونس” وهو أحد المفرج عنهم من سجن صيدنايا منذ عدة أيام والذي رفض ذكر اسمه أو أي تفصيل عن حياته لدواعٍ أمنية.
و تحدث “أبو يونس” في شهادته عن السجن “الأسوأ” في سوريا والذي يلقب بـ”سجن الموت” حيث تحدث عن أساليب التعذيب والتحقيق “الوحشية” التي يتم اتباعها ضد المعتقلين من قبل السجانين والمسؤولين عن السجن.
وأكد أنه تعرض هو والمعتقلين معه لعشرات الأنواع من التعذيب منها، الصعق الكهربائي والجلد بالجنازير و”الشبح” لعدة ساعات مع تشغيل النار من تحتهم كطريقة جديدة للتعذيب.
السجن في “المنفردة” مدة طويلة كوسيلة من وسائل التعذيب والضغط النفسي
وأكد السجين الذي أطلق سراحه مؤخرًا، أنّ اعتقاله في سجن صيدنايا استمر ما يزيد عن 6 سنوات، مشيرًا إلى أنه بقي في “المنفردة” – التي لاتتجاوز مساحتها مترًا طولًا ونص متر عرضًا – مدة سنة و4 أشهر متواصلة، وهي خالية من مقاومات الحياة والنطافة ومليئة بالحشرات والصراصير والديدان المضرة بجسم الإنسان.
وتابع: منذ دخولي وتحويلي لسجن صيدنايا بقيت في المنفردة مدة شهر ونصف قبيل البدء بالتحقيق معي، وبقيت أرتدي لباسي الداخلي مدة 3 سنوات متواصلة ولم يسمح لنا بغسلها أوتنظيفها، ومن ناحية الاستحمام فهو مسموح كل عدة أشهر وبشكل سريع ودون وجود مواد تنظيف.
المعتقلون يصابون بالحمى والأمراض المعدية نتيجة الإهمال الطبي
وأوضح “أبو يونس”، أنه هو ورفاقه داخل الزنزانة امتلأ جسدهم بالأمراض المعدية والطفيليات والحمى بأنواعها المتعددة، فضلًا عن الإصابة بالأمراض الجلدية المختلفة والالتهابات والتقيحات نتيجة انعدام النظافة والرعاية الصحية والطبية، مشيرًا إلى أنّ مكان “الخلاء” موجود داخل الزنزانة أيضًا بمساحة لا تتجاوز الـ6 امتار وفي الزنزانة ما يزيد عن 60 معتقلًا.
عدد من المعتقلين فارقوا الحياة بسبب التعذيب الشديد
وأكد “أبو يونس” أنّ عددًا من المعتقلين فارقوا الحياة داخل الزنزانة بسبب عدم تحمل جسدهم للتعذيب الشديد، وقد توفي 7 أشخاص في يوم واحد ولم يتم إخراجهم من الزنزانة مدة ٣ أيام، ما أدى لانتشار الرائحة الكريهة والحشرات الضارة وعدم قدرة أحد على النوم خلال تلك الأيام، حتى تم إخراجهم في اليوم الرابع دون معرفة مصير تلك الجثث، هل سيتم تسليمها لذويها أم سيتم دفنها في مقابر جماعية.
وأشار إلى أنّ أصوات التعذيب والصراخ والاستغاثة كانت لا تتوقف لا في الليل ولا في النهار، وخصوصًا الأطفال والشبان الذين لم تتجاوز أعمارهم الـ16 عامًا، إضافة لانتشار روائح الدماء وروائح الجلد المحروق نتيجة حرق أجساد المعتقلين بالسجائر أو الأدوات الحادة القادرة على تذويب الجلد بشكل سريع.
الطعام المقدم للمعتقلين غير صالح للأكل
وأوضح “أبو يونس”، أنّ الطعام الذي يتم تقديمه 90% منه يكون غير صالح للأكل ويغطيه العفن، لكن يتم تناوله كله بسبب الجوع وقلة الطعام، كما لايتم تقديم الطعام بشكل يومي وإنما قد يتأخر تقديم الوجبة الواحدة مدة يومين أو تلاتة، حتى إن مياه الشرب يتم قطعها أحيانًا مدة 10 أيام متواصلة كقعاب جماعي، كما يتم أيضًا قطع المياه التي تستخدم في الحمام عدة أيام.
وقال: إنه بعد سنتين من الاعتقال تيقنت أني لن أخرج من السجن إلا جثة هامدة بسبب التعذيب الشديد الذي تلقيته وشاهدته وسمعته، وبسبب سماعي لشهادات المعتقلين معي في الزنزانة ممن اعتقلوا منذ عام 2011 حيث أصبحوا أجسادًا بلا أرواح بسبب ضعف جسدهم وعدم قدرتهم على الحركة أو حتى الكلام، حيث إنهم يصارعون الموت بشكل دائم متمنين أن يأتي ليخلصهم من العذاب الذي يعيشونه.
وأكد “أبو يونس”، أنّ السجانين والمحققين يقومون بشتم وسب المعتقلين الذين يتم التحقيق معهم، وأيضًا يقومون بسب الذات الإلهية والصحابة فضلًا عن شتائم لاتصدر حتى من قطاع الطرق والحشاشين والمجرمين.
وأوضح أن يده اليسرى أصيبت بشلل شبه كامل ولا يستطيع تحريكها إلا بنسبة 15% فقط، وذلك بسبب الضرب الشديد الذي تلقاه عليها خلال سنوات سجنه، إضافة لفقدانه النظر بإحدى عينيه وإصابته بأمراض مزمنة ناتجة عن التعذيب الشديد والحالة النفسية الصعبة، وأيضًا انعدام النظافة والطبابة داخل السجن، كما أن جسده يحمل أكثر من 100 حفرة وحرق ناتجة عن إطفاء المحققين والسجانين السجائر فيها، واستخدام أدوات الحرق خلال التعذيب.
إعدام يومي لحوالي 15 معتقلًا شنقًا حتى الموت
وتابع “أبو يونس”، أنه بشكل يومي يتم إعدام ما لا يقل عن 15 معتقلًا شنقًا حتى الموت ويتم نقلهم للمقابر الجماعية المحفورة سابقًا، فضلًا عن وفاة معتَقًلين على الأقل يوميًا في كل زنزانة، بسبب البرد أو التعذيب أو قلة الرعاية والطعام والشراب، ناهيك عن حالات فقدان الذاكرة التي تصيب عددًا كبيرًا من السجناء بسبب الضرب المبرح على الرأس وشدة الألم الذي يتعرضون له خلال التعذيب ما يسبب إغماءهم عدة مرات خلال جلسة التحقيق.
وأشار إلى أنه عند خروجه تم تبصيمه على عشرات الأوراق البيضاء دون ان يراها أو يعرف ما كتب داخلها، مؤكدًا أنه استطاع معرفة عدد من الضباط داخل السجن منهم رائد بالمخابرات العامة يدعى “أسعد صبح” ينحدر من مدينة القرادحة وضابط لم يعرف رتبته يدعى “إسماعيل أبوسامر”، ومن السجانين استطاع التعرف على المدعو “يوسف صالح”وآخر يدعى “مهدي رسلان”.
أعداد المعتقلين في سجن “صيدنايا” تتجاوز الـ100 ألف معتقل
في صعيد متصل، تُقدر “الشبكة السورية لحقوق الإنسان” أعداد المعتقلين في سجون النظام السوري بما يزيد عن 100 ألف معتقل ومغيب قسري، وتؤكد مقتل أكثر من 14 ألفًا تحت التعذيب منذ اندلاع الثورة في العام 2011.
الموقع والنشأة
أنهت حكومة النظام السوري بناءه عام 1987 فكان رمزًا لسطوة نظام حزب البعث الحاكم، مثل كل سجون سوريا الشهيرة كسجن تدمر وسجن عدرا وسجن المزة العسكري وسجن حلب المركزي. وتتولى إدارته الشرطة العسكرية، ويقع سجن صيدنايا قرب دير صيدنايا المسيحي التاريخي على بعد نحو ثلاثين كيلومترا شمال العاصمة السورية دمشق.
و يعد سجن صيدنايا أحد أشد الأمكنة العسكرية تحصينًا في البلاد على الإطلاق، ويتألف من قسمين، “السجن الأحمر”، وهو الأسوأ والأكثر قسوة، وأغلب معتقليه من السياسيين والمدنيين المتهمين بدعم “الإرهاب”، و”السجن الأبيض” وهو مخصص للعسكريين المتهمين بمخالفة القوانين العسكرية.