ترجمات

الاتفاق الأمني بين الولايات المتحدة والسعودية يتجاهل القضية الفلسطينية

بقلم: سامية نخول وجيمس ماكنزي ومات سبيتالنيك وعزيز اليعقوبي
المصدر: وكالة “رويترز” الإخبارية
ترجمة: بوليتكال كيز

تسعى السعودية جاهدة إلى التوصل إلى اتفاق عسكري يلزم الولايات المتحدة بالدفاع عن المملكة مقابل تحسين العلاقات مع إسرائيل، ولا تعتزم إلغاء الاتفاق حتى إذا لم تقدم إسرائيل تنازلات كبيرة للفلسطينيين في جهودها.

وذكرت ثلاثة مصادر إقليمية مطلعة على المحادثات أن هذا الاتفاق يهدف إلى تحقيق إقامة دولة فلسطينية مستقلة.

يمكن أن لا يكون الاتفاق مماثلًا للضمانات الدفاعية الصارمة كالناتو التي كانت المملكة تسعى إليها في البداية عندما تم مناقشة هذه القضية لأول مرة بين ولي العهد الأمير محمد بن سلمان والرئيس جو بايدن خلال زيارة الرئيس الأمريكي إلى المملكة العربية السعودية في تموز/ يوليو 2022.

بدلًا من ذلك، أكد مصدر أمريكي أن الاتفاق يمكن أن يشبه المعاهدات التي أبرمتها واشنطن مع دول آسيوية، أو إذا لم يحصل على موافقة الكونجرس الأمريكي، فإنه قد يكون مشابهًا للاتفاق الذي أبرمته الولايات المتحدة مع البحرين، حيث يتمركز فيه الأسطول الخامس للبحرية الأمريكية، ولا يتطلب هذا الاتفاق دعم الكونجرس.

وأشار المصدر الأمريكي إلى أن واشنطن يمكنها تعزيز أي اتفاق بتصنيف المملكة العربية السعودية كحليف رئيسي خارج حلف الناتو، وهو الوضع الذي تمتعت به إسرائيل بالفعل، ومع ذلك، أكدت جميع المصادر أن السعودية لن تقبل بأقل من ضمانات ملزمة للحماية الأمريكية في حال تعرضت لهجوم، مثل الضربات الصاروخية التي استهدفت مواقعها النفطية في 14 أيلول/ سبتمبر 2019، والتي أثرت بشكل كبير على الأسواق العالمية.

وعلى الرغم من نفي إيران، المنافسة الإقليمية للمملكة، لأي دور في هذه الهجمات، إلا أن الرياض وواشنطن ألقتا اللوم عليها.

إن الاتفاقيات التي تمنح أكبر مصدر للنفط في العالم الحماية الأمريكية مقابل التطبيع مع إسرائيل ستعيد تشكيل الشرق الأوسط من خلال الجمع بين خصمين قديمين وربط الرياض بواشنطن بعد غزوات الصين في المنطقة، فبالنسبة لبايدن، سيمكنه التباهي بهذا النصر الدبلوماسي قبل الانتخابات الأمريكية عام 2024.

ويمكن للفلسطينيين أن يحصلوا على بعض الامتيازات مثل تخفيف بعض القيود الإسرائيلية، لكن مثل هذه التحركات لن ترقى إلى مستوى تطلعاتهم إلى إقامة دولة، حيث قالت المصادر الإقليمية الثلاثة المطلعة على المحادثات إنه كما هو الحال في الاتفاقيات العربية الإسرائيلية الأخرى التي تم التوصل إليها على مدى عقود، فإن المطلب الفلسطيني الأساسي بإقامة دولة سيحتل مرتبة ثانوية.

وقال أحد المصادر الإقليمية: “التطبيع سيكون بين إسرائيل والسعودية، وإذا عارضه الفلسطينيون فإن المملكة ستستمر في طريقها”، وأضاف: “المملكة العربية السعودية تدعم خطة السلام للفلسطينيين، لكنها أرادت هذه المرة شيئًا للسعودية، وليس للفلسطينيين فقط”.

ليست معاهدة كاملة

قال مسؤول أمريكي -طلب مثل آخرين عدم نشر اسمه بسبب حساسية الأمر- إن معايير الاتفاق الدفاعي لا يزال قيد الإعداد، مضيفا أن ما تتم مناقشته “لن يكون معاهدة تحالف أو أي شيء من هذا القبيل، بل سيكون تفاهما دفاعيا مشتركا وليس معاهدة كاملة”.

وقال المسؤول إن الأمر سيكون أشبه بالعلاقة بين الولايات المتحدة وإسرائيل، التي تتلقى الأسلحة الأمريكية الأكثر تقدما وتجري تدريبات مشتركة للقوات الجوية والدفاع الصاروخي.

في هذا السياق، أشار مصدر في واشنطن الذي يعرف بالمناقشات إلى أن محمد بن سلمان قد طلب معاهدة تشبه معاهدة حلف شمال الأطلسي، ومع ذلك، أوضح أن واشنطن تشعر بالتردد في التزام حلف شمال الأطلسي بموجب المادة الخامسة التي تنص على أن الهجوم على أحد الحلفاء يعتبر هجومًا على الجميع.

وأضاف المصدر أن مساعدي الرئيس بايدن قد يفكرون في إبرام اتفاق يشبه تلك الاتفاقات المتفق عليها مع اليابان وحلفاء آسيويين آخرين، حيث تلتزم الولايات المتحدة بتقديم الدعم العسكري، ولكن يمكن أن يكون أقل وضوحًا بشأن ما إذا كان سيتم نشر القوات الأمريكية، ولكن المصدر أشار إلى أن بعض المشرعين الأمريكيين قد يعارضون مثل هذا الاتفاق.

وهناك نموذج آخر، لن يتطلب موافقة الكونجرس، وهو الاتفاق الموقع مع البحرين في 13 أيلول/ سبتمبر، حيث التزمت الولايات المتحدة بـ”ردع ومواجهة أي عدوان خارجي”، لكنها أيضًا أكدت أن الحكومتين ستتشاوران لتحديد ما إذا كان هناك أي عدوان خارجي، وفي حال وقوع مثل هذا العدوان، ستتخذ الإجراءات المناسبة.

وقال المصدر في واشنطن إنه يمكن تصنيف السعودية كحليف رئيسي من خارج حلف شمال الأطلسي، وهي خطوة تم دراستها منذ فترة طويلة، ويأتي هذا الوضع، الذي تتمتع به العديد من الدول العربية مثل مصر، مع مجموعة من الفوائد، مثل التدريب.

وأضاف مصدر من منطقة الشرق الأوسط أن السعودية تظهر تنازلًا في بعض المواضيع من أجل التوصل إلى اتفاق دبلوماسي، ومن بين هذه المواضيع تلك المتعلقة بخططها لتطوير التكنولوجيا النووية المدنية.

وأكد المصدر أن السعودية مستعدة للتوقيع على المادة 123 من قانون الطاقة الذرية الأمريكي، التي تنص على إطار للتعاون النووي السلمي مع الولايات المتحدة، وهو خيار رفضته الرياض في الماضي.

وأوضح المصدر الخليجي أن المملكة مستعدة للموافقة على اتفاق قد لا يتوافق بشكل كامل مع ضمان المادة 5 في حلف شمال الأطلسي، ولكنه شدد على ضرورة أن تلتزم الولايات المتحدة بحماية المملكة العربية السعودية في حال تعرضت لهجوم، وأشار المصدر أيضًا إلى أن الاتفاق يمكن أن يشبه اتفاق البحرين، ولكنه يحتوي على التزامات إضافية.

البحث عن التزامات إسرائيلية

أثنى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على إمكانية التوصل إلى اتفاق “تاريخي” مع المملكة العربية السعودية، المركز الروحي للإسلام، ومع ذلك، يتعين على نتنياهو الآن الحصول على موافقة الأحزاب ضمن ائتلافه اليميني المتطرف، الذي يرفض أي تنازلات تجاه الفلسطينيين.

وفي مقابل ذلك، أعلن محمد بن سلمان في مقابلة مع قناة فوكس نيوز هذا الشهر أن المملكة تقترب بثبات من تطبيع العلاقات مع إسرائيل، وأشار إلى ضرورة تيسير حياة الفلسطينيين، دون ذكر الدولة الفلسطينية تحديدًا.

ولكن، أفاد دبلوماسيون ومصادر إقليمية بأن محمد بن سلمان يصر على بعض الالتزامات من جانب إسرائيل، بهدف إظهار عدم تخليه عن الفلسطينيين والحفاظ على الباب مفتوحًا لحل الدولتين.

وسيشمل ذلك مطالبة إسرائيل بنقل بعض الأراضي التي تسيطر عليها إسرائيل في الضفة الغربية إلى السلطة الفلسطينية، والحد من النشاط الاستيطاني اليهودي، ووقف أي خطوات لضم أجزاء من الضفة الغربية، وقال الدبلوماسيون والمصادر إن الرياض وعدت أيضًا بتقديم مساعدات مالية للسلطة الفلسطينية.

في هذا الصدد، قال الرئيس الفلسطيني محمود عباس إن أي صفقة يجب أن تعترف بحق الفلسطينيين في إقامة دولة داخل حدود عام 1967، بما في ذلك القدس الشرقية، ويجب أن توقف بناء المستوطنات الإسرائيلية، لكن جميع المصادر قالت إن من غير المرجح أن يعالج اتفاق سعودي إسرائيلي تلك القضايا الساخنة.

وأضاف نتنياهو أنه لا ينبغي أن يكون للفلسطينيين حق النقض (الفيتو) على أي اتفاق لصنع السلام.

ومع ذلك، حتى لو اتفقت الولايات المتحدة وإسرائيل والمملكة العربية السعودية، فإن الفوز بدعم المشرعين في الكونجرس الأمريكي سيبقى تحديًا.

حيث سبق أن أدان الجمهوريون والحزب الديمقراطي الذي ينتمي إليه بايدن الرياض بسبب تدخلها العسكري في اليمن، وتحركاتها لدعم أسعار النفط ودورها في مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي عام 2018، الذي كان يعمل في صحيفة واشنطن بوست، حيث نفى محمد بن سلمان الأمر بالقتل.

وقال المصدر الإقليمي الأول: “المهم بالنسبة للسعودية هو أن يحصل بايدن على موافقة الكونجرس على الاتفاق”، في إشارة إلى التنازلات التي قدمتها الرياض لضمان التوصل إلى اتفاق.

بالنسبة لبايدن، فإن الاتفاق الذي يبني محورًا أمريكيًا إسرائيليًا سعوديًا يمكن أن يكبح التقدم الدبلوماسي الصيني بعد أن توسطت بكين في تقارب بين السعودية وإيران، التي تتهمها واشنطن بالسعي للحصول على أسلحة نووية، وتنفي طهران ذلك.

وقال أحد الدبلوماسيين: “كان هناك شعور بأن الولايات المتحدة قد تخلت عن المنطقة، من خلال مغازلة الصين، أراد السعوديون خلق بعض القلق الذي من شأنه أن يدفع الولايات المتحدة إلى إعادة الانخراط”.

Political Keys

منصة إخبارية مستقلة، سياسية منوعة، تسعى لتقديم تغطية إخبارية شاملة وفق أعلى معايير المهنية والموضوعية، وأن تكون الوجهة الأولى للمعلومات والتقارير الاستقصائية الخاصة، وأن توفر رؤىً وتحليلاتٍ جديدةً ومعمقةً للقرّاء والمتابعين، تمكنهم من فهمٍ أعمقَ للأحداث والتحولات السياسية والاقتصادية والاجتماعية في الشرق الأوسط والعالم.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى