ترجمات

صفقة كبرى تسعى لها الولايات المتحدة في الشرق الأوسط: لكن ما هو الثمن؟

بقلم: مات سبيتالنيك وستيف هولاند
المصدر: رويترز
ترجمة: بوليتكال كيز

تتقدّم إدارة بايدن بخطوات ثابتة نحو جهود منسقة لتحقيق “صفقة كبيرة” في الشرق الأوسط، تشمل تطبيع العلاقات بين إسرائيل والمملكة العربية السعودية.

وتعتقد أن الولايات المتحدة قد تحقق مكاسب كبيرة من هذه الخطوة. ورغم وجود عقبات كبيرة، يعتبر مساعدو الرئيس جو بايدن هذه الجهود أمرًا ضروريًا في السياسة الخارجية، بالرغم من وجود شكوك من بعض الخبراء حول مدى مناسبة التوقيت والظروف والقيادة الإقليمية الحالية لإبرام صفقة ضخمة قادرة على إعادة تشكيل الوضع السياسي في الشرق الأوسط.

كما يمثّل هذا تحولًا جذريا للرئيس الذي قضى معظم فترة ولايته في الابتعاد عن التدخل الدبلوماسي بشكل أعمق في مشاكل المنطقة، مما يثير تساؤلات حول سبب التزامه بمثل هذا الهدف الصعب، وما الذي سيكسبه وما إذا كان قد ينتهي به الأمر إلى دفع ثمن باهظ للغاية.

إنّ محاولة التوسط في العلاقات بين العدوين القدامى إسرائيل والمملكة العربية السعودية هي محور المفاوضات المعقدة التي تنطوي على مناقشات حول الضمانات الأمنية الأمريكية والمساعدة النووية المدنية التي تسعى إليها الرياض بالإضافة إلى التنازلات الإسرائيلية للفلسطينيين، وفقًا لأشخاص مطلعين على الأمر.

وبينما يصر المسؤولون الأمريكيون على أن أي تقدم لا يزال بعيدًا، إلا أنهم يسعون جاهدين لتحقيق الفوائد المحتملة، منها إزالة نقاط التوتر المحتملة في الصراع العربي الإسرائيلي، وتعزيز الاستقرار الإقليمي ضد تهديدات إيران، ومواجهة تحديات الصين في منطقة الخليج.

بالإضافة إلى ذلك، إنّ إنجاز بايدن لهذه الصفقة سيمثل فوزًا مهمًا في مجال السياسة الخارجية، حيث يسعى للترشح للانتخابات الرئاسية في تشرين الثاني/ نوفمبر 2024.

بدوره، قال جوناثان بانيكوف، النائب السابق لضابط المخابرات الوطنية لشؤون الشرق الأوسط في الحكومة الأمريكية والذي يعمل حاليًا في المجلس الأطلسي: “هناك العديد من الأمور التي يمكن أن تتعقد، ولكن إذا حدث ذلك، فإنه قد يمثل إنجازًا كبيرًا في مجال السياسة الخارجية”.

وعلى الرغم من أن الجدول الزمني لا يزال غير مؤكد، إلا أن مساعدي بايدن يعتقدون أن هناك فرصة حاسمة لصياغة صفقة قبل أن تستهلك الحملة الرئاسية جداولهم الزمنية. ومع ذلك، يعترف المسؤولون الأمريكيون بوجود العديد من العقبات التي تجعلهم غير قادرين على ضمان النجاح. وقد تمت المفاوضات بين إسرائيل والمملكة العربية السعودية بوساطة مبعوثي بايدن.

وقال مسؤول أمريكي طلب عدم الكشف عن هويته: “نحن نتحدث بنشاط”. “لا توجد حتى مجموعة من المبادئ حول الشكل الذي سيبدو عليه الاتفاق في الوقت الحالي”.

وقد بدأ مساعدو بايدن في إبلاغ الأعضاء البارزين في الكونجرس، وفقًا لمصادر مطلعة على المناقشات.

ويتضمن التركيز بشكل خاص على زملاء بايدن الديمقراطيين الذين انتقدوا السعودية بسبب قضايا حقوق الإنسان، ولكن تأييدهم قد يكون ضروريًا إذا تطلب أي اتفاق موافقة الكونجرس.

إنّ التقاء العوامل التي تشجع إدارة بايدن على التحرك بسرعة في جهودها تشمل قلقها من جهود الصين للتوسع الاستراتيجي في المملكة العربية السعودية ودول الخليج الأخرى، ورغبتها في إصلاح العلاقات مع الرياض، التي وصفها بايدن سابقًا بأنها “منبوذة”.

كما أنّ إمكانية توحيد القوات العسكرية بين إسرائيل والسعودية يمكن أن تساهم في توطيد التعاون الرسمي ضد إيران، العدو المشترك الذي تسعى واشنطن لاحتوائه.

وتتطلع الإدارة أيضًا إلى إعادة تأكيد القيادة الإقليمية لمنع المملكة العربية السعودية ودول الخليج النفطية الأخرى من الانجراف بعيدًا عن الجهود الرامية إلى عزل روسيا المنتجة للطاقة بسبب الحرب في أوكرانيا، وفقًا لأشخاص مطلعين على الأمر.

بالإضافة إلى ذلك، فإنّ التطبيع من شأنه أن يجذب الناخبين المؤيدين لإسرائيل في الانتخابات ويجعل من الصعب على الجمهوريين مهاجمته بسبب العلاقات المتوترة مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.

وعلى الرغم من أن السياسة الخارجية نادرًا ما تؤثر على الانتخابات الأمريكية، إلا أن بايدن، الذي يواجه معركة إعادة انتخابه ضد الرئيس الجمهوري السابق دونالد ترامب، ربما يفكر في إرثه.

وقال آرون ديفيد ميلر، المفاوض السابق في الشرق الأوسط الذي يعمل الآن في مؤسسة كارنيجي للسلام الدولي: “ستكون صفقة كبيرة، لكن السؤال هو ما المبلغ الذي يرغب بايدن في دفعه مقابل ذلك”.

ستكون صفقة كبيرة، لكن السؤال هو ما المبلغ الذي يرغب بايدن في دفعه مقابل ذلك آرون ديفيد ميلر – مفاوض سابق في الشرق الأوسط

ومن بين التحديات إرضاء ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، الحاكم الفعلي للسعودية. حيث يسعى إلى معاهدة على غرار معاهدة حلف شمال الأطلسي (الناتو) تلزم الولايات المتحدة فيها بالدفاع عن المملكة إذا تعرضت لهجوم، ويريد أيضًا أسلحة متقدمة ومساعدة لبرنامج نووي مدني.

ويطالب السعوديون الإسرائيليين بتنازلات كبيرة للفلسطينيين للحفاظ على آفاق إقامة الدولة، وهو أمر يسعى بايدن أيضًا لتحقيقه، لكن حكومة نتنياهو اليمينية المتطرفة لم تظهر استعدادًا كبيرًا لمنحه.

وبالنسبة لتحسين العلاقة بين الولايات المتحدة والسعودية قد يواجه معارضة في الكونغرس، حيث ينتقد العديد من أعضائه محمد بن سلمان بسبب مقتل الصحفي جمال خاشقجي في عام 2018 وتورط السعودية في الأزمة اليمنية.

من جانبه، قال السناتور كريس ميرفي لرويترز “أنا بالتأكيد قلق للغاية بشأن معاهدة دفاع تلزم الولايات المتحدة بالدفاع عن الحكومة السعودية التي أثبتت أنها تتصرف بشكل غير مسؤول بشكل لا يصدق في المنطقة”.

كما أنً السيناتور كريس ميرفي، الذي ينتمي للحزب الديمقراطي ويعمل في لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ، أعرب عن تفضيله للتطبيع بين إسرائيل والسعودية وأنه منفتح على مراجعة أي اتفاق أوسع نطاقًا. ولكنه أكد أنه لن يكون من السهل إقناعه بذلك، مما يشير إلى تحفظه تجاه هذا الأمر.

ومع ذلك، فإن جاريد كوشنر، الذي قاد في عهد ترامب ثلاث اتفاقيات عربية إسرائيلية تُعرف باسم اتفاقيات أبراهام، حث والد زوجته على النظر في دعم جهود بايدن تبريرًا لسجل ترامب في الشرق الأوسط، وفقًا لشخص مطلع على المناقشات.

أما بالنسبة لنتنياهو، فإن العلاقات الدبلوماسية مع المملكة العربية السعودية، خادمة الحرمين الشريفين، ستكون بمثابة جائزة طال انتظارها ويمكن أن تشجع الدول الإسلامية الأخرى على أن تحذو حذوها وتمهد الطريق أيضًا لتوسيع التكامل الاقتصادي لإسرائيل في الشرق الأوسط الكبير.

ولكن من المرجح أن يقاوم ائتلاف نتنياهو أي شيء أكثر من مجرد الإيماءات المتواضعة للفلسطينيين، الأمر الذي قد يؤدي إلى عرقلة أي اتفاق تطبيع.
ويمكن أن تقدم محادثات بايدن مع نتنياهو في الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم الأربعاء مؤشرا على مدى استعداده للذهاب.

كما لم يظهر نتنياهو بأنه يميل بشكل كبير نحو التعامل مع إدارة بايدن، مما يزيد من احتمالية انتظار نتيجة الانتخابات.

وبحسب تقييم الخبراء، إذا نفد الوقت، قد تضطر الإدارة إلى القبول بصفقة محدودة أكثر أو محاولة التوصل إلى اتفاق عام يمهد الطريق للاتفاقات المستقبلية. وفيما بعد، يمكن التفاوض على التفاصيل الدقيقة إذا تمت إعادة انتخاب بايدن لولاية ثانية.

Political Keys

منصة إخبارية مستقلة، سياسية منوعة، تسعى لتقديم تغطية إخبارية شاملة وفق أعلى معايير المهنية والموضوعية، وأن تكون الوجهة الأولى للمعلومات والتقارير الاستقصائية الخاصة، وأن توفر رؤىً وتحليلاتٍ جديدةً ومعمقةً للقرّاء والمتابعين، تمكنهم من فهمٍ أعمقَ للأحداث والتحولات السياسية والاقتصادية والاجتماعية في الشرق الأوسط والعالم.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى