بتهمة “محاولة الانقلاب”.. حملة اعتقالات لكبار القادة في جيش تشاد

كشفت مصادر أمنية في نجامينا لـ”بوليتكال كيز | Political Keys”، عن تنفيذ السلطات التشادية حملة اعتقالات واسعة استهدفت كبار القادة الأمنيين وضباطًا في الجيش، وذلك على خلفية اتهامهم بالتخطيط لانقلاب ضد الرئيس “محمد إدريس ديبي” المعروف بمحمد كاكا، والتواصل مع أطراف معارضة داخلية.
وقد أحبطت القوات التشادية ما وصفته بمحاولة مسلحة استهدفت القصر الرئاسي في نجامينا، وذكرت أنها قتلت 18 مهاجمًا وألقت القبض على 6 آخرين.
ونفت السلطات أي صلة للمهاجمين بجماعات إرهابية مثل “بوكو حرام”، مؤكدة أنهم ليسوا سوى عناصر “غير منظمة” و”فاقدة للسيطرة”.
ووفق المعلومات، فقد أبدى بعض المعتقلين المتهمين بالانقلاب تحفظًا صريحًا على قرار الحكومة فتح المطارات والمعابر البرية أمام عمليات إمداد عسكرية لصالح مليشيا “الدعم السريع” السودانية، في خضم النزاع الدامي بين قواتها والجيش السوداني، وهو ما اعتبروه تهديدًا مباشرًا للأمن القومي لتشاد، وانحرافًا عن الحياد الذي يفترض أن تحافظ عليه البلاد.
الخلفية والسياق
منذ توليه السلطة عام 2021 بعد مقتل والده إدريس ديبي في اشتباكات مع المتمردين، واجه كاكا تحديات جمة في بسط سيطرته على الدولة التشادية، فقد أدار المرحلة الانتقالية بقبضة أمنية مشددة، قام خلالها بتأجيل الانتخابات وتقليص هامش الحريات السياسية، مما أدى إلى تصاعد الاستياء الداخلي، وخصوصًا داخل المؤسسة العسكرية، التي تمثل العمود الفقري لنظام الحكم في البلاد.
ثم جاء تورط تشاد في الصراع السوداني ليثير جدلًا كبيرًا، فقد كشفت تقارير دولية عن استخدام مطارات تشادية مثل “أمجرّاس” و”نجامينا” كممرات لإمداد قوات الدعم السريع بالأسلحة والعتاد، في عمليات مدعومة على الأرجح من قبل دولة الإمارات.
هذا الانحياز المفترض أثار انقسامات داخل الجيش، خاصة من ضباط يعارضون توريط البلاد في صراعات الجوار، وقد يكون ما جرى من اعتقالات مرتبطًا مباشرة بهذه الانقسامات.
صراع على السيادة والولاء داخل الجيش
يبدو أن ما حصل مؤشر على شرخ حقيقي داخل بنية السلطة الأمنية والعسكرية، هناك تيار داخل الجيش يرفض الانخراط في الصراع السوداني، ويرى في التعاون مع “الدعم السريع” تهديدًا للسيادة الوطنية، ويميل على ما يبدو إلى الحفاظ على موقف حيادي.
في المقابل، يعزز الرئيس ديبي علاقاته الإقليمية عبر هذه التحالفات، مما يخلق فجوة استراتيجية داخل النظام نفسه.
العلاقة مع بوكو حرام
رغم التكهنات الأولية، إلا أن السلطات التشادية نفت وجود أي صلة بين منفذي الهجوم الأخير و”بوكو حرام” أو جماعات إرهابية أخرى تنشط في منطقة بحيرة تشاد، وأكدت أنهم ليسوا سوى مجموعة “فاقدة للسيطرة” تحركت دون تنسيق.
المحللون يرجّحون أنهم ضباط متمردون، وربما تصرفوا بدافع الإحباط السياسي والاعتراض على سياسات ديبي، وليس بدوافع عقائدية.
ردود الفعل الدولية
فرنسا والولايات المتحدة أعربتا عن قلقهما من الاضطرابات الأخيرة، خاصة بالنظر إلى دور تشاد في جهود مكافحة الإرهاب في منطقة الساحل.
الاتحاد الأوروبي طالب بإجراء انتخابات شاملة واحترام الحريات، والاتحاد الإفريقي شدد على ضرورة العودة إلى المسار الانتقالي دون اللجوء للقمع أو عسكرة السياسة.
الخشية من تكرار الحكومات العسكرية مثل تحالف الساحل
الاضطراب التشادي يأتي في سياق إقليمي متفجّر، حيث شهدت النيجر ومالي وبوركينا فاسو انقلابات عسكرية متعاقبة، تدفع بغرب قارة إفريقيا نحو التغيرات الراديكالية.
أي خلل في توازن السلطة في تشاد قد يفتح الباب أمام انهيار داخلي أو تمرد مسلح جديد، خصوصًا إذا استمر النظام في الاعتماد على أدوات القمع بدل التوافق السياسي.
ما يجري في تشاد تطوّر خطير في مسار الانقسام داخل الدولة، حيث تتقاطع السياسات الإقليمية مع تآكل الثقة داخل الجيش، اعتقال الضباط وتحجيم الأصوات المعارضة يعد مؤشرا إلى سعي ديبي لترسيخ حكمه بأي ثمن، بينما تقف القوى الخارجية في موقف المراقب، دون أن تبادر لاحتواء هذا الانزلاق