شرق الكونغو.. خريطة صراع متجدد: هل تنجح الدولة في مواجهة تحالفات الميليشيات؟

شهدت محافظة كيو الجنوبية تصعيدًا عسكريًا جديدًا، مما يلقي الضوء مرة أخرى على حالة عدم الاستقرار المزمنة في شرق البلاد. اندلعت اشتباكات عنيفة بين القوات الحكومية ومقاتلي جماعة وازاليندو المسلحة، وذلك بعد قيام الأخيرة باعتراض قافلة في حادثة كشفت عن التوترات العرقية والتحالفات المتشابكة في المنطقة.
تفاصيل الاشتباكات وتطورها الميداني
بدأ التصعيد في 27 آب/أغسطس عندما قام مقاتلون من جماعة وازاليندو بمحاصرة قافلة حافلات قادمة من بوروندي. كانت القافلة تقل مشاركين في جنازة ضابط بالجيش الكونغولي ينتمي إلى عرقية بنيامولينجي (التوتسي)، وهي عرقية تشكل حساسيات كبيرة لدى جماعة وازاليندو التي تخشى من تمدد نفوذها في المنطقة.
تطورت المواجهة سريعًا إلى اشتباكات عنيفة مع وحدات الجيش الكونغولي، خاصة على الحدود مع بوروندي. وفي تطور لافت، أفادت مصادر عسكرية أن عناصر من وازاليندو هاجمت وحدة “بانثر” التابعة للجيش، والمكلفة بحماية المنطقة الحدودية في كافيمفيرا. هذا الهجوم يؤكد قدرة جماعة وازاليندو على استغلال الفجوات الأمنية وتنفيذ عمليات هجومية سريعة ومباغتة ضد القوات الحكومية.
تزامن هذا التصعيد مع محاولات لجماعات مسلحة أخرى مثل “تحالف نهر الكونغو” و “حركة 23 مارس M23 “؛ لتعزيز مواقعها. حيث سعت هذه الجماعات إلى الالتفاف عبر الأراضي الحدودية للوصول إلى منطقة أوفيرو، بهدف ربط قنوات اتصال مع ميليشيا “تفيرفانهيو”، وهي مجموعة دفاع ذاتي تابعة لعرقية بنيامولينجي، وتُعرف بدعمها المعلن لحركة M23 .
شرق الكونغو ساحة لصراع متجدد
يُظهر هذا التصعيد أن شرق الكونغو لا يزال ساحة مفتوحة للميليشيات المحلية والتحالفات العابرة للحدود، ما يجعل السيطرة الميدانية أمرًا بالغ الصعوبة بالنسبة للقوات الحكومية. يمكن تحليل الوضع من عدة زوايا:
- حساسية عرقية: يؤكد استهداف قافلة جنازة الضابط المنتمي لعرقية بنيامولينجي عمق التوتر الإثني الذي يغذي الصراع. تخشى جماعة وازاليندو من تمدد نفوذ هذه العرقية، مما يدفعها إلى اتخاذ إجراءات هجومية استباقية لحماية مناطق سيطرتها.
- ضعف السيطرة الحكومية: يعكس هجوم وازاليندو على وحدة “بانثر” الحدودية ضعف سيطرة الدولة على المناطق النائية. تُثبت الجماعات المسلحة مثل وازاليندو قدرتها على التخطيط والتنفيذ لعمليات نوعية ومركزة، ما يزيد الضغط على الجيش الكونغولي الذي يعاني من محدودية الموارد وانتشار القوات.
- تحالفات معقدة: يشير التنسيق بين وازاليندو من جهة، ومحاولات M23 وتحالف نهر الكونغو من جهة أخرى، إلى وجود شبكة معقدة من التحالفات بين الميليشيات المحلية التي تتقاطع مصالحها. هذا التعاون يزيد من تعقيد المشهد الأمني ويجعل أي حلول عسكرية قصيرة الأجل غير فعالة.
إن التصعيد الأخير في كيو الجنوبية يبرز كيف أن التوترات الإثنية، وضعف السيطرة الحكومية، والتحالفات بين الميليشيات، تتضافر لتُبقي شرق الكونغو في حالة من عدم الاستقرار الدائم.
المصدر: بوليتكال كيز



