الصين توسع نفوذها الناعم والاستراتيجي في تونس

اطلعت “بوليتكال كيز | Political Keys” على معلومات تفيد بأن الصين تكثّف حضورها في تونس من خلال تحركات اقتصادية وثقافية واستراتيجية تهدف إلى تعزيز نفوذها في بلد لطالما وُجّهت مؤسساته نحو التعاون مع أوروبا والولايات المتحدة.
وعلى الرغم من هذا التوجه التقليدي، تواصل بكين ترسيخ موقعها ضمن المشهد التونسي عبر أدوات ناعمة وتعاون متعدد المستويات.
منذ افتتاحه عام 2018، ينشط معهد كونفوشيوس في تونس بفعالية، وينظم برامج لتعليم اللغة الصينية ومعسكرات صيفية تشمل زيارات للمعالم الصينية مثل المدينة المحرمة وسور الصين العظيم.
تُشرف على هذه الأنشطة مديرة المعهد رو شين، بدعم من السفير الصيني في تونس وان لي، حيث نجحت في بناء شبكة علاقات مع مؤسسات جامعية تونسية، وأطلقت برامج منح دراسية للمدرسين الشباب الذين يُشترط فيهم أن يكونوا “ودودين تجاه الصين”.
في نيسان/ أبريل، استضافت تونس البروفيسور جي جيان شيونغ، العضو السابق في المؤتمر الاستشاري السياسي للشعب الصيني، للترويج لمبادرة الحزام والطريق التي انضمت إليها تونس رسميًا عام 2017 بمذكرة تفاهم.
وفي خطوة رمزية، زار طلاب من جامعة بكين للفنون التطبيقية تونس في كانون الثاني/ يناير ضمن مسعى للترويج “لروح طريق الحرير”، مما يعكس تقاطع المصالح في تعزيز السياحة الصينية والنفوذ الجيوسياسي لبكين.
تعزز الحراك الصيني مع زيارة الرئيس قيس سعيّد إلى بكين العام الماضي، حيث ناقش مع الرئيس شي جين بينغ إقامة شراكة استراتيجية لا تزال تفاصيلها غير معلنة، لكنها تثير قلق واشنطن من تنامي التأثير الصيني في تونس.
وجاءت زيارة لي شولي، عضو المكتب السياسي للحزب الشيوعي الصيني ووزير الاتصالات، إلى تونس في أيار/ مايو الماضي لتأكيد هذه الشراكة، حيث التقى بسعيّد لمتابعة مشاريع كبرى مثل محطة طاقة شمسية في القيروان وجسر بنزرت الجديد، الذي تنفذه مجموعة سيتشوان للطرق والجسور.
في المجال الثقافي، تسعى الصين إلى دخول ميادين كانت تقليديًا تحت النفوذ الفرنسي والإيطالي، وبالتوازي مع زيارة لي، شارك وفد من علماء الآثار التونسيين في مهمة تدريبية في الصين، ضمن اتفاقية تعاون بين المعهد الوطني للتراث التونسي ومركز البحوث الأثرية الصيني، ما أتاح لبعثة صينية بدء أعمال تنقيب في موقع بن عروس منذ تشرين الأول/ أكتوبر 2023.
وأكملت زيارة يوتشو ليو، رئيس المؤسسة الصينية لحفظ التراث الثقافي، إلى تونس في أيلول/ سبتمبر الماضي، المشهد الثقافي المتنامي، والذي يشمل أيضًا المنتدى التونسي الصيني للتبادل الحضاري، الذي تنظمه جهات تربطها علاقات وثيقة بالحزب الشيوعي الصيني، أبرزها الجمعية الصينية للتفاهم الدولي، المرتبطة باللجنة العسكرية المركزية برئاسة شي جين بينغ.
وفي نيسان/ أبريل، شارك في المنتدى هوانغ تشي جيان، رئيس مجموعة النشر الصينية، وهي شركة حكومية تابعة لدائرة الدعاية المركزية للحزب، مما يؤكد أن الحضور الصيني في تونس يتجاوز الاقتصاد والثقافة إلى بُعد أيديولوجي واستراتيجي أعمق.