تقارب مصري إيراني وسط فتور في علاقات القاهرة مع واشنطن والعواصم الخليجية

تشهد العلاقات بين مصر وإيران تسارعًا لافتًا نحو المصالحة، مع تكثيف اللقاءات الدبلوماسية بين الجانبين، وآخرها زيارة وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي إلى القاهرة، والتي يُنتظر أن تتبعها زيارة قريبة لوزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي إلى طهران، يرافقه عدد من الوزراء لمناقشة ملفات التعاون، وعلى رأسها التجارة.
من أبرز مجالات التعاون المطروحة ملف الأمن الغذائي، حيث تسعى مصر، كونها أكبر مستورد للقمح في العالم، إلى تنويع مصادر استيرادها عبر الشراكة مع إيران، التي باتت من كبار منتجي الحبوب.
كما يجري التباحث بشأن تسيير رحلات جوية مباشرة لتطوير السياحة، خصوصًا السياحة الدينية، في إطار خطوات متقدمة نحو التطبيع الكامل.
حتى الآن، لا تزال العلاقات الدبلوماسية تدار من خلال مكاتب مصالح في البلدين، لكن القاهرة وطهران اتفقتا على افتتاح سفارات كاملة خلال الأشهر المقبلة، في مؤشر قوي على تطور العلاقة بين الطرفين.
زيارة عراقجي شهدت أيضًا لقاءً رفيعًا مع الرئيس عبد الفتاح السيسي، تناول فيه الجانبان المسار المعقد للمفاوضات النووية الإيرانية مع الولايات المتحدة في عهد دونالد ترامب، وقد حضر اللقاء مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل غروسي، في إشارة إلى أهمية اللقاء من الناحية الإقليمية والدولية.
من جانبها، تسعى مصر إلى لعب دور ثلاثي في هذا الملف: أولًا، تقديم نفسها كوسيط في الملف النووي الإيراني ضمن تقاربها المتزايد مع طهران؛ ثانيًا، تمثيل المصالح العربية، وخصوصًا الخليجية، في هذا السياق؛ وثالثًا، إعادة تأكيد أهميتها الاستراتيجية بالنسبة للولايات المتحدة، التي تشهد علاقاتها مع القاهرة بعض الفتور مؤخرًا، تجلّى في تهديدات بتقليص الدعم العسكري وعدم إدراج مصر في جولة الرئيس الأمريكي الأخيرة في المنطقة.
القاهرة طالبت طهران بخطوات رمزية تعزز حسن النية، من بينها إزالة جدارية ضخمة وسط طهران تكرّم خالد الإسلامبولي، قاتل الرئيس المصري السابق أنور السادات، في محاولة لإغلاق هذا الملف الحساس.
تنامي العلاقات المصرية الإيرانية يتزامن مع فتور في علاقات القاهرة مع بعض العواصم الخليجية، خصوصًا السعودية، وسط تباين حول الاستثمارات في مصر، وعلى رأسها مشروع منتجع رأس جميلة في سيناء، حيث دفع التباطؤ السعودي الحكومة المصرية إلى التراخي في الدفاع عن اتفاقية نقل تيران وصنافير، التي تواجه طعنًا قضائيًا جديدًا.
كما تتزايد الخلافات بين مصر والإمارات حول الملفين السوداني والليبي، ما يدفع القاهرة لإعادة رسم خارطة تحالفاتها الإقليمية، ومنها تعزيز انفتاحها على طهران.