خاص | للحديث عن آخر التطورات السياسية والميدانية في السودان… “بوليتكال كيز” تجري حوارًا خاصًّا مع الخبير في الشأن السوداني “سيبويه يوسف”
أجرت “بوليتكال كيز | Political Keys”، أمس الثلاثاء 30 كانون الثاني/ يناير، حوارًا خاصًّا مع الباحث السياسي الخبير في الشأن السوداني، سيبويه يوسف، للحديث عن آخر التطورات السياسية والميدانية في السودان.
وعن رأيه إلى أين من المتوقع أن يصل الوضع في السودان دون وجود أي بوادر لحل الأزمة السودانية، قال سيبويه: “للأسف فإن الحرب تدخل الآن في شهرها العاشر، دون وجود أي آفاق لحلول على أرض الواقع بعد أن استمرء نظام “البرهان” حرق المنابر والتنكر لكل الاتفاقيات، محاصرًا بتنظيم “الإخوان المسلمين” وفلول النظام السابق الذين يعرقلون كل المسارات”.
وتابع: لكن الحقيقة أن هذه الحرب هي حرب عبثية بكل تفاصيلها وكل يوم يفقد السودان كثير من الدماء وكثير من الموارد، وكثير من البنى التحتية وإن الحل هو حل سياسي، حل تفاوضي في نهاية الأمر، ولكن استمرار هذه الحرب هي وصمة عار لجميع السودانيين لأنهم لم يقفوا في وقف وجه إيقاف الدم”.
هل هناك عودة لمفاوضات جدة؟
وفيما يخص تجميد الحكومة السودانية عضوتها في “إيغاد”، ومدى وجود مقترحات لبداية محادثات في “جدة” أوضح الباحث السوداني: أن “مباحثات جدة هي بالأساس مباحثات توافق عليها الجيش والدعم السريع، ولكن هنالك من يعرقل كل هذه المسارات، ونجد أن الدعم السريع ظل متواجد في طاولة التفاوض طول الفترات السابقة بينما ينسحب وفد الجيش كثيرًا، ويأتي بمبررات تارة بأنهم بانهم غير مفوضين، وبالتالي منبر جدة بدأ ينهار بسبب عدم جدية تفاوض الجيش، ويبدو أنهم يشترون الوقت من أجل تحقيق الإنتصارات الميدانية”.
وتابع سيبويه، أن “آخر التصريحات من الرياض أن هنالك تفاهمات تمت، سواء مع الجيش أو مع الدعم السريع، وفي تقديري أن “جدة” هي الأنسب و الأقدر، وهي التي بدأت الخطوات الأولى، باعتبار أن مكوناتها هي المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة، وهما يمثلان الثقل الإقليمي، و الثقل الدولي، ويمتلكان القدرة على تحريك هذه المبادرات وتقديم الضمانات الكافية”.
وأكمل الباحث، “لكن يبقى الأساس هو الثقة وهي المحرك الأساسي، وهو الذي فشل فيه الجيش في المرحلة السابقة عندما تعهد بتسليم عدد من فلول النظام السابق “المدانين” وبعدها انسحب الجيش دون أن يقدم أي مبادرة جديدة، ولكن يظل منبر “جدة” منبر حقيقي وواقعي لحل هذه الأزمة”.
أما عن سبب إعلان قائد قوات الدعم السريع الترحيب بالجلوس مع الجيش السوداني، ذكر سيبويه، أن “قوات الدعم السريع منذ البداية وحتى هذه اللحظة لم تمنع التفاوض، بل رحبت بكل المفاوضات التي تقدمت، فقد رحبت بالمبادرة السعودية الأمريكية، ورحبت بمبادرة مؤتمر دول الجوار، ورحبت باللجنة الرباعية، و رحبت بمبادرة “إيغاد”، فكل هذه المبادرات أعلنت ترحيبها بها”.
وأردف: “موقفها واضح و ليس متذبذب، وهي تريد السلام، وهي لم تبدأ هذه الحرب، كما وتقدم حميدتي بالاعتذار عن كل ما أصاب الشعب السوداني من أضرار من هذه الحرب، وهي حرب كما قال مفروضة عليه وبالتالي حريص على السلام أكبر وأكثر جدية من الجيش”.
أما عن مدى تأثير القوى السياسية والمدنية في إلزام طرفي الصراع في البلاد على الجلوس للتفاوض، فاعتبر سيبويه، أنّ “القوى المدنية والقوى السياسية هي في النهاية تمثل واحدة من الأشياء الأساسية التي يمكن أن تحل هذه الأزمة، لأن هذه الأزمة هي أزمة سياسية من الطراز الأول، وهي أزمة كانت تتعلق بالتحول المدني الديموغرافي”.
وتابع: “بدأت هذه الأزمة منذ 25 من أكتوبر 2020-2021، عندما انقلب البرهان على الوثيقه الدستورية، وعلى الحكم الانتقالي، وبالتالي هذه الأحزاب هي النهاية شريكة في هذه الثوره، وكل القوى السياسية هي في النهاية أمام مسؤوليه أخلاقية أولًا للتحول، وتنفيذ هذا التحول وتنفيذ مطالب ثورة ديسمبر، التي راح في سبيلها أرواح غالية، وسفكت في سبيلها دماء غالية”.
وأوضح سيبويه، “بالتالي هي قضية سياسية من الإطار الأول، وأعتقد أن ما قامت به الجبهة التقدمية برئاسة “عبد الله حمدوك” وفتح باب للحوار سواءًا كان مع الدعم السريع، أو مع الجيش هي واحدة من الحلول السودانية السودانية التي يمكن أن تجد المؤازرة”.
ولكن في الطرف الآخر نجد أن الجيش وفلول النظام السابق وإعلامه يعملون على شيطنة التقدم، يعملون على إغتيال شخصيه رئيس الوزراء “عبد الله حمدوك” ويعملون على محاولة عزل كل القوى الثورة، وما نشاهده الآن ونتابعه من قرارات استهدفت لجان المقاومة استهدفت لجان الحرية والتعبير، و مصادرة ممتلكات، و مصادرة أختام، ومصادرة أوراق، كل هذا يؤكد على أنه انقلاب كامل على ثورة ديسمبر.
وفيما يخص تدهور الأوضاع الإنسانيي في مناطق الاقتتال، ومدى وجود خطة من الحكومة السودانية لتدارك الوضع الكارثي، فقال الباحث السوداني إن “الأوضاع الإنسانية هي حرب ثانية، وهي حرب داخل المدن في الإطار الأساسي، فنتائجها كانت صعبة جدًا وممتدة سواء على الجانب الصحي أو الغذائي، والأمور المتعلقة بحياة الإنسان بشكل عام كلانقطاع في خدمات المياه والكهرباء والإتصالات، بالإضافة إلى عجز المواطن البسيط عن الحصول عن قوت يومه”.
وتابع: “فبعد 10 أشهر حتى الآن لم يستلم أي موظف أو عامل من الدولة الراتب، بالإضافة إلى تحطيم البنية التحتية، وتدمير الأسواق سواء كان من قصف الجيش أو الطيران أو المدفعية الثقيلة، فكل هذه الأشياء، وضعت المواطن في مهب الريح، ورغم تعهدات الجيش والدعم السريع بايصال هذه المساعدات الإنسانية إلى أن الواقع يقول: إن هنالك ممارسة سياسية في هذا المجال وخاصة من الجيش، وتضخمت الأشياء بشكل كبير جدًا وأيضًا يوجد تمييز في توزيع الإغاثة وهذا أمر مؤسف”.
أما فيما يتعلق بإصرار الدعم السريع على السيطرة على مدنية “بابنوسة”، فأوضح سيبويه، أنّ “مدينة “بابنوسة” تعتبر مدينه استراتيجية سواءً من حيث الموقع الجغرافي، ومن حيث ثرائها الإقتصادي، وهي تمثل بالنسبة للدعم السريع، محور أساسي، في تطويق فلول النظام السابق وعزل المنطقة، وتقع في ولاية غرب كردفان وهي متاخمة لمنطقة “نيبال” ولمنطقة الفولة، حيث عمق المناطق التي يحاول الجيش أن يستغلها”.
وأردف: “هذه المنطقة فيها استقطاب إثني حيث أن عناصر “النوبة” كانوا مع الطرفين ثم اتحدوا ضد المكونات المجتمعية في المنطقة، وهذا ما كنا نحذر منه و نخشاه من أن تتحول هذه الحرب الى حرب أهلية حرب الكل ضد الكل”.
مادلالات تجميد الاتحاد الأوروبي لأرصدة شركات تابعة لطرفي الصراع؟
أما فيما يخص تجميد الاتحاد الأوربي لأرصدة شركات تابعة لطرفي الصراع في البلاد، فاعتبر سيبويه، أن “موقف الإتحاد الأوروبي هو متسق تمامًا مع موقف الولايات المتحدة الأمريكية فوزارة الخزانة قامت في وقت سابق بتجميد عدد من شركات الجيش وعدد من شركات التي تتهم أنها تمول الدعم السريع في السودان، وهذا إجراء يعتبره الإتحاد الأوروبي، الإجراء الأخلاقي في الإطار الأول”.
وأردف: “إن كان لا يمكن أن نقول بأن هذا لن يجفف مسار الدعم للجيش السوداني، الذي يعتمد على كثير من الموارد مثل النظام السابق، وهو موالي للحركة الإسلامية، في حربه بالإضافة إلى من يسانده من الدول الإقليمية أو الدول الأخرى، فهذا إجراء رمزي في تقديري ولا تستطيع مثل هذا القرارات أن تجفف مصادر هذا الصراع الذي بات يمتد ويتحول تدريجيًا إلى صراع إقليمي، وهنالك محاور تدخل بالدعم في إطار الدعم والدعم المضاد”.
أما عن لقاء “عبد الواحد نور” رئيس حركة جيش تحرير السودان بالرئيس الكيني “وليام رتو” وكونه يصب في حل الأزمة السودانية، فأشار الباحث السوداني أن “الموقف الكيني موقف واضح منذ بداية الصراع عندما دخلت كينيا بقوة من أجل وقف إطلاق النار، ودعوة الطرفين ولكن للأسف نجد أن الجيش أساء الموقف الكيني وحمله على أنه مواقف غير حيادي، وأطلق عليه إتهامات بانحيازه إلى الدعم السريع”.
وأوضح: “رغم أن كينيا دولة محورية، ولها دور فاعل ولها مصالح في استقرار الوضع السوداني، ولقاء عبد الواحد مع روتو هو واحدة من التحركات الدبلوماسية لمحاولة تطويق هذه الأزمة، بمقابلة كل الفاعلين في المشهد السياسي كما شاهدنا بأن كثيرًا من حركات الكفاح المسلح كان لها دورها، ولقاءاتها واعتقد أن لقاء عبد الواحد باعتباره قائدًا لحركة كبيرة يستطيع حل المشكله في السودان”.
وعن مدى نجاح “ورشة القاهرة” بشأن الأوضاع الإنسانية في رأب الصدع بين طرفي النزاع، فقال سيبويه: “ورشة القاهرة هي في النهاية واحدة من المبادرات لمناقشة الأوضاع الإنسانية في السودان وفي دارفور بشكل خاص يعني هي استصحبت المشكلة شمال دافور وأتت بالاشكاليات الموجودة وخصوصًا عمليات النزوح إلى ولايات دارفور، وتعهدت بعدم إنطلاق قتالات فيها، وبالتالي المشاركين في هذه الورشة قدموا اطروحات بخصوص إيجاد آليات لحماية المدنيين، لتوصيل المساعدات”.
وأوضح: “كرت المساعدات الإنسانية أصبح “للأسف” كرت سياسي، لأن معظم ما يأتي يوزع في مناطق محددة بعينها وإن هنالك ولايات كبيرة وأعداد كثيرة من السكان لا تجد الدواء ولا تجد الغذاء ولا تجد الكسوة ونحن نمر في شتاء قاس، فبالتالي لابد أن تكون هناك أطروحات ورغبة بمشاركة الجميع، فنحن نتحدث عن قضية إنسانيته في إطار أساسي وليس قضية أنا مع الحياد أو ضد الحياد أو مع الحق، نحن بالبداية لابد أن نوصل ما يجد المسكين ما جد رمقه ويجعله يعيش حياة كريمة على الأقل في الوقت الراهن”.