بتعاون بين الإمارات وإسرائيل.. مشروع للسيطرة على البحر الأحمر من سقطرى إلى باب المندب

تُظهر معلومات خاصة وتحقيقات ميدانية اطلعت عليها “بوليتكال كيز | Political Keys” أن الإمارات العربية المتحدة تعمل، ضمن تنسيق استخباراتي مع إسرائيل والولايات المتحدة، على بناء شبكة قواعد عسكرية واستخباراتية متقدمة تمتد من جزر سقطرى وعبد الكوري في المحيط الهندي حتى مضيق باب المندب والقرن الأفريقي.
يهدف هذا الانتشار إلى فرض طوق استراتيجي على واحد من أهم الممرات البحرية في العالم، في سياق مشروع نفوذ إقليمي عابر للحدود.
تؤكد المعلومات المتقاطعة من مصادر استخباراتية غربية وإقليمية أن الإمارات اعتمدت منذ عام 2020 سياسة توسع عسكري واستخباراتي ممنهجة خارج حدودها، تمثلت في تحويل جزر يمنية وصومالية إلى قواعد عمليات متقدمة ضمن شبكة ممتدة من المحيط الهندي إلى باب المندب.
وقد بدأت هذه الخطوة بإنشاء مدرج عسكري ضخم في جزيرة عبد الكوري بطول يقارب 2.4 كم، قادر على استقبال طائرات شحن عسكرية من طراز C-130 وIl-76 وطائرات مسيّرة إسرائيلية من نوع Hermes 900.
وتُظهر صور الأقمار الصناعية أن الموقع يتضمن منشآت رادار متطورة وأنظمة اتصالات إلكترونية إسرائيلية، فيما نُقشت على الرمال عبارة “I LOVE UAE” في استعراض رمزي للسيطرة الميدانية.
في المقابل، تحولت جزيرة سمحة إلى مركز مراقبة بحرية يعتمد على طائرات استطلاع ومسيرات لمتابعة حركة الملاحة في خليج عدن، وهو خط تمر عبره نسبة تقدر بـ12% من التجارة العالمية. كما تعمل سفن شحن خاصة على تأمين الإمدادات العسكرية واللوجستية بين هذه الجزر وسواحل اليمن وبوصاصو في الصومال، ما يشير إلى وجود جسر عمليات متكامل يربط مواقع النفوذ الإماراتي على امتداد البحر الأحمر.
أما في جزيرة ميون (بريم)، الواقعة عند مضيق باب المندب، فقد ثبتت الإمارات وجودها بالتنسيق مع ضباط إسرائيليين وأمريكيين، حيث جرى تطوير القاعدة الجوية القائمة لتصبح مركز تحكم في الممر البحري الذي يمر عبره أكثر من 30% من النفط العالمي.
هذا التمركز يمنح الإمارات القدرة على مراقبة التحركات الإيرانية والحوثية وتحديد أهداف لضربات دقيقة أو عمليات اعتراض بحرية.
تعمل هذه البنية ضمن منظومة استخباراتية مشتركة مع إسرائيل تُعرف باسم “Crystal Ball”، وهي منصة مخصصة لتبادل المعلومات الاستخباراتية وتحليل الصور الجوية والإشارات الإلكترونية.
وتُستخدم المنظومة في مراقبة النشاط البحري والتجاري والعسكري في البحر الأحمر وخليج عدن والمحيط الهندي، إضافة إلى تتبع التحركات الإيرانية من السواحل العُمانية واليمنية حتى شرق إفريقيا.
وتشير تقارير أمنية إلى أن هذا التعاون الاستخباراتي سبق اتفاقيات التطبيع العلنية عام 2020، لكنه اتخذ منحى أكثر عمقًا بعدها، حيث تم تفعيل تدريب مشترك بين القوات الإماراتية والإسرائيلية والأمريكية في البحر الأحمر، تخلله تبادل ضباط اتصال، ونقل أنظمة رادار إسرائيلية حديثة إلى قواعد إماراتية في الجزر اليمنية.
كما حصلت أبوظبي على دعم تقني لتطوير سفن مسيّرة للمراقبة وكشف الألغام البحرية.
في الاتجاه الغربي، ارتبط هذا المشروع بتوسّع لوجستي في القرن الأفريقي والسودان.
فقد تحولت موانئ بوصاصو وبربرة إلى مراكز لإمداد وتسليح قوات الدعم السريع في السودان، حيث رُصدت رحلات شحن عسكرية متكررة بين مطارات الصومال وغرب السودان.
وتفيد بيانات الاستطلاع الجوي بأن الإمارات أنشأت قواعد صغيرة في مناطق مثل نيالا والمالحة لتخزين ونقل العتاد العسكري إلى قوات محمد حمدان دقلو (حميدتي)، ما يعكس طبيعة التدخل الإماراتي في النزاعات الإقليمية من خلال وكلاء محليين.
إلى جانب الوجود العسكري، تمضي الإمارات في تعزيز نفوذها الاقتصادي عبر شركاتها العاملة في الموانئ الأفريقية، وعلى رأسها “موانئ دبي العالمية”، التي أصبحت أكبر مستثمر في موانئ شرق وغرب أفريقيا.
هذا النشاط الاقتصادي يتقاطع مع شبكة نقل غير رسمية للذهب والموارد الطبيعية من القارة إلى دبي، بمعدل يُقدّر بـ400 طن سنويًا من الذهب المهرب، ما يوفّر تمويلًا موازياً للأنشطة الجيوسياسية والعسكرية.
ويعتبر دبلوماسيون غربيون أن هذا المشروع يمثل “نسخة حديثة من شركة الهند الشرقية البريطانية”، إذ تمزج الإمارات بين الأدوات الاقتصادية والعسكرية والاستخباراتية لبسط نفوذ يتجاوز وزنها الديموغرافي.
ورغم التوتر الظاهري مع إسرائيل على خلفية حرب غزة، فإن التحالف بين الجانبين بقي عمليًا وقائمًا على تبادل المصالح الأمنية ومواجهة إيران والحوثيين وتأمين إمدادات الطاقة العالمية.
بهذا الشكل، يتبلور مشروع نفوذ إماراتي–إسرائيلي يعيد رسم خرائط السيطرة في البحر الأحمر والقرن الأفريقي، مع امتدادات مباشرة نحو السودان وليبيا وتشاد وإثيوبيا.
ويبدو أن الهدف الاستراتيجي يتجاوز “حماية المصالح” إلى التحكم بالبنية الأمنية والاقتصادية للممرات البحرية الدولية، في إطار منظومة تحالفات جديدة تُدار من أبوظبي وتل أبيب بدعم أمريكي مباشر.
تؤشر هذه التحركات إلى أن الإمارات وإسرائيل تسعيان لتأسيس واقع أمني جديد في البحر الأحمر يجعل منه مجالًا حيويًا تحت إدارة مشتركة، تُستخدم فيه القواعد العسكرية والاستخباراتية كأدوات تحكم جيوسياسي.
ورغم أن المشروع يُقدَّم بوصفه دفاعيًا ضد إيران والحوثيين، إلا أنه في جوهره يمثل تحولًا إمبراطوريًا ناعمًا لدولة صغيرة تحاول التمدد خارج حدودها عبر مزيج من المال والقوة والتكنولوجيا، ما يضع المنطقة أمام توازنات بحرية جديدة تُعيد رسم خريطة النفوذ في القرن الأفريقي والشرق الأوسط.
المصدر: بوليتكال كيز



