تداعيات اقتصادية قاسية.. كيف أثر التصعيد بين إيران وإسرائيل على لبنان؟

قبل دخول اتفاق وقف إطلاق النار حيز التنفيذ، شهدت المنطقة تصعيدًا غير مسبوق مع اندلاع مواجهة مباشرة بين إسرائيل وإيران، بعد تنفيذ إسرائيل سلسلة من الضربات الجوية استهدفت مواقع نووية وعسكرية حساسة داخل الأراضي الإيرانية، بمشاركة أمريكية مباشرة شملت دعمًا عسكريا (ضرب المواقع النووية الإيرانية) ولوجستيًا واستخباراتيًا وعملياتيًا.
ولاشك أنّ هذا التصعيد انعكس مباشرة على الوضع اللبناني الهش أصلًا، سياسيًا وأمنيًا واقتصاديًا.
التداعيات الاقتصادية على لبنان
شلل في حركة الطيران وتأثير على الموسم السياحي
مع اتساع رقعة التهديدات الإقليمية، بدأت شركات الطيران العالمية بتعليق رحلاتها إلى مطار بيروت، وجرى إلغاء عدد كبير من حجوزات السفر إلى لبنان، كما سجّلت وكالات السفر انخفاضًا حادًا في الطلب على الوجهة اللبنانية لصيف 2025، حيث تحوّل السائحون العرب والأوروبيون نحو وجهات بديلة أكثر استقرارًا مثل تركيا وقبرص ومصر ودبي، وعلى الرغم من استمرار قدوم قسم من المغتربين اللبنانيين، خصوصًا عبر طيران الشرق الأوسط، إلا أن تراجع الزوار الأجانب سيترك أثرًا مباشرًا على مداخيل القطاع السياحي.
تراجع أعمال مؤسسات القطاع السياحي
أفادت مصادر من نقابة أصحاب المطاعم والفنادق بأن حجم الأعمال تراجع بنسبة تتراوح بين 30 إلى 40% مقارنة بصيف 2024، والمطاعم والمقاهي والشقق الفندقية في بيروت والجنوب تشهد نسب إشغال ضعيفة بسبب المخاوف الأمنية.
ارتفاع أسعار النفط وتداعياته
وفقا لتقارير اقتصادية، ارتفع سعر برميل النفط عالميًا إلى 75 دولارًا بسبب التوتر الإقليمي وإغلاق بعض المنشآت النفطية الإيرانية والتهديدات للممرات البحرية، ولبنان، الذي يعتمد بشكل شبه كلي على الاستيراد لتأمين حاجاته النفطية، سيتأثر مباشرة بارتفاع الفاتورة النفطية الشهرية، وهذا الارتفاع سينعكس على أسعار المحروقات محليًا، في ظل الضريبة الجديدة التي أقرّها مجلس الوزراء على المحروقات بنسبة 5%.
انعكاس مباشر على المواطن اللبناني
المواطن يتحمّل أعباء مزدوجة، هي ارتفاع أسعار المحروقات والسلع الأساسية من جهة، وتراجع فرص العمل الموسمية من جهة أخرى، خصوصًا في القطاع السياحي، والقطاع الصناعي كذلك سيتأثر مع ارتفاع كلفة النقل والشحن، مما سيرفع أسعار السلع المستوردة والمحلية.
خاتمة
من الواضح أن لبنان يقف مجددًا على حافة أزمة مركّبة ذات بعد أمني واقتصادي واجتماعي، وفيما يبدو أن الجنوب اللبناني مقبل على توترات ميدانية جدّية مع وجود ملامح تدل على بدء تنفيذ مشروع “المنطقة العازلة” الإسرائيلي، وإن تداعيات ذلك لن تقتصر على الحدود، بل ستطال القطاعات الحيوية كافة، وفي طليعتها السياحة والطاقة.
وفي ظل عدم وجود خطط اقتصادية طارئة (حتى الآن)، سيبقى المواطن اللبناني هو المتضرر الأول من تداعيات أي صراع إقليمي يتجاوز قدرته على الاحتمال، فيما ستدفع الدولة كلفة إضافية من ميزانيتها المرهقة أصلًا، مع عجز ميزان المدفوعات المتوقع أن يتجاوز 9 مليار دولار في 2025