أفريقيا

تصاعد الاقتتال بين “داعش” وجماعة “نصرة الإسلام والمسلمين” شمال بوركينا فاسو

تشهد منطقة أريبندا، الواقعة في إقليم سوم شمال بوركينا فاسو، اشتباكات ضارية بين مقاتلي جماعة نصرة الإسلام والمسلمين، التابعة لتنظيم القاعدة، وعناصر تنظيم داعش في الصحراء الكبرى.

وبحسب مصادر “بوليتكال كيز | Political Keys” وشهود من المنطقة، فإن الاشتباكات استمرت حتى مساء السبت 31 أيار/ مايو، وسط أنباء عن سقوط قتلى وجرحى من الطرفين.

وتُعد هذه المواجهة إحدى أعنف حلقات الصراع بين التنظيمين الجهاديين في شمال البلاد، إذ يسعى كل منهما إلى السيطرة الكاملة على المنطقة الحدودية مع مالي والنيجر، التي تُعد من أبرز الممرات اللوجستية للتهريب وتجنيد المقاتلين وتخزين السلاح.

الخلفية الميدانية للصراع

تُعرف منطقة أريبندا بأنها مركز تموضع رئيسي لجماعة نصرة الإسلام والمسلمين، التي يقودها “إياد أغ غالي” منذ إعلان تشكيلها عام 2017، وقد تمكنت الجماعة، خلال السنوات الأخيرة، من فرض نفوذها في شمال بوركينا فاسو، مستفيدة من الدعم اللوجستي القادم من مالي، عبر تحالفها مع جماعة “كتبية ماسينا” التي يقودها “أمادو كوفا”.

في المقابل، تنظيم الدولة الإسلامية – ولاية الصحراء الكبرى، الذي يقوده “أبو الوليد الصحراوي” (رغم ورود تقارير عن مقتله في 2021، إلا أن التنظيم لم يعلن رسميًا عن خليفة واضح له حتى الآن)، ينشط في المناطق الشرقية من بوركينا فاسو، لا سيما إقليم الساحل الشرقي وتمبكتو الحدودية، وقد شن سابقًا عدة هجمات ضد عناصر النصرة، أبرزها الهجوم على منطقة ديابوغا وأودالان عام 2022.

تفاصيل الاشتباكات الأخيرة

بحسب مصادر “بوليتكال كيز | Political Keys” في بلدة “كيلبو” المجاورة لأريبندا، فقد شوهدت أرتال من الدراجات النارية تقل عناصر مسلحة تتجه نحو الأطراف الشمالية للبلدة، قبيل اندلاع المواجهات.

كما أفادت المصادر بوقوع تبادل لإطلاق النار بأسلحة خفيفة وقذائف هاون في محيط قرية “كورونغا”، التي تُعد نقطة تماس بين مناطق سيطرة التنظيمين.

وقال أحد وجهاء القبائل في المنطقة لـ”بوليتكال كيز | Political Keys”، متحفظًا على ذكر اسمه لأسباب أمنية، إن الاشتباكات اندلعت على خلفية محاولة تنظيم الدولة السيطرة على نقطة عبور يستخدمها مقاتلو النصرة لربط مناطق شمال سوم بشرق منطقة لوروم.

وأضاف أن “المعركة لم تكن مفاجئة، إذ سبقها تحذيرات من النصرة للسكان بعدم التعاون مع عناصر داعش الذين بدأوا في التمدد نحو الغرب”.

دلالات وتداعيات الصدام

تدل هذه الاشتباكات على استمرار حالة التشظي داخل الساحة الجهادية في بوركينا فاسو، حيث لا تزال التوترات قائمة بين الفصائل الجهادية المتنافسة، رغم ما يُشاع أحيانًا عن محاولات “توحيد الجبهة” ضد القوات الحكومية.

وتأتي هذه المواجهات في توقيت حساس، بعد أسابيع فقط من إعلان حكومة النقيب “إبراهيم تراوري” إطلاق عمليات موسعة ضد معاقل الجماعات المسلحة في الشمال، بالتعاون مع “المتطوعين للدفاع عن الوطن”.

وتخشى الحكومة من أن تؤدي هذه الاشتباكات إلى توسيع نطاق التهجير القسري، وتعطيل إمدادات الدعم الإنساني الذي بدأ يصل مؤخرًا إلى بعض القرى النائية.

كما أن تصاعد المواجهات بين القاعدة وداعش في بوركينا فاسو قد يُضعف موقف الحكومة في السيطرة على الأرض، لكنه في ذات الوقت يُظهر حالة الانقسام العميق بين الجماعات المسلحة، وهو ما يمكن استغلاله استخباراتيًا في إطار استراتيجية “فرق تسد”.

ختامًا، يُتوقع أن تؤثر هذه التطورات على الأمن الإقليمي في دول الجوار مثل مالي والنيجر، كما تُلقي بظلالها على جهود تحالف “ليبتاكو-غورما” الوليد، الذي يسعى إلى بسط الاستقرار في المنطقة عبر مقاربة عسكرية صلبة لا تزال تعاني من غياب الدعم الدولي والتنسيق اللوجستي الفعّال.

Political Keys

منصة إخبارية مستقلة، سياسية منوعة، تسعى لتقديم تغطية إخبارية شاملة وفق أعلى معايير المهنية والموضوعية، وأن تكون الوجهة الأولى للمعلومات والتقارير الاستقصائية الخاصة، وأن توفر رؤىً وتحليلاتٍ جديدةً ومعمقةً للقرّاء والمتابعين، تمكنهم من فهمٍ أعمقَ للأحداث والتحولات السياسية والاقتصادية والاجتماعية في الشرق الأوسط والعالم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى