خاص | وسط تحذيرات من فتنة عرقية في ولاية نهر النيل… “بوليتكال كيز” تجري حوارٌا خاصًا مع الناشط الحقوقي السوداني “حاتم إلياس”
تشهد ولاية نهر النيل السودانية خلال الأيام الجارية حملات واسعة لتجنيد المستنفرين وتحشيد وتعبئة المواطنين بغرض مواجهة هجوم محتمل من قوات “الدعم السريع” على الولاية.
وقد أجرت “بوليتكال كيز | Political keys” حوارًا خاصًا مع المحامي والناشط الحقوقي “حاتم إلياس” للحديث عن وضع الولاية وحملات التجنيد القائمة فيها على أساس “عرقي وطائفي”.
وقال “إلياس” إنّ “التحشيد القائم على الفرز العرقي والمناطقي وصل إلى مدى واسع في ولاية نهر النيل ويتم ذلك تحت إشراف عناصر المؤتمر الوطني المؤثرة التي لجأت للولاية والتي تتبنى سردية مختلفة للحرب باعتبارها حرب بين الغرابة وناس الشمال”.
وذكر الناشط الحقوقي أن ذلك “تزامن مع دعوات تم طرحها من داخل الغرف الإعلامية للمؤتمر الوطني و”فلول النظام السابق” بأنه لا بد من طرد العمال وطرد التجار وكل العناصر القادمة من دارفور من ولاية نهر النيل باعتبارهم خلايا نائمة محتملة للدعم السريع”.
“المؤتمر الوطني” فشل في إيجاد شرعية لوجود في الولاية بعد الحرب
وشدد “إلياس” على أن “ما يحدث في ولاية نهر النيل غير مسبوق حيث إن الولاية شهدت تعايشًا نموذجيًا ما بين القادمين من كل أنحاء السودان وما بين سكان الولاية. لكن مع اندلاع الحرب وفشل عناصر المؤتمر الوطني في إيجاد أي شرعية لوجودهم بعد أن فقدوا الدعاوى الخاصة بالشريعة الإسلامية وبتحقيق شرع الله، لجأوا للورقة السيئة المتمثلة في توصيف الحرب الحالية باعتبارها حرب بين الغرب والشمال، أو هجوم من عناصر الغرب على العناصر الموجودة في شمال السودان”.
وأوضح أن “الحركة الشعبية والمدنية في ولاية نهر النيل تناهض هذه الدعوات، لكن للأسف الحركة المدنية والحركة الديمقراطية والعناصر الحاملة لوعي مختلف وإنساني، هي الآن تحت المطاردة وتحت القمع وتحت الحصار. وتلقى عليهم الاتهامات الجاهزة بأنهم “قحاتة” ومتواطئون مع “الدعم السريع” مما يضعها تحت بطش وقمع وترصد يفوق ما كان موجدًا في بدايات عهد الإنقاذ”.
وقد وصف الناشط الحقوقي أنّ “ما يحدث حاليًا في ولاية نهر النيل في مدن مثل “شندي” و”عطبرة” و”الدامر” و”بربر” و”أبوحمد” و”الباوقة” ومناطق أخرى بأنه أخطر بكثير مما حدث في بدايات الإنقاذ”.
دعوات عرقية وعنصرية ضمن الولاية
ودعا “إلياس” أبناء الولاية إلى أن “ينتبهوا إلى أن هذه الدعوات العرقيةو العنصرية ستقود لكارثة كبيرة جدًا ليس على الآخرين، ولكن على أبناء الولاية نفسهم وعلى تاريخ الولاية والقيم الاجتماعية والإنسانية في ولاية نهر النيل”. مشيرًا إلى أنّ مواطني الولاية بدؤوا يستشعرون خطر ما يساقون إليه ويصطفوا من جديد لإيقاف هذه الدعوات.
كما حذر الناشط الحقوقي خلال حديثه من تحول الأوضاع إلى مرحلة كارثية إذا لم يتم تداركها وأن “ذلك لا يتعلق فقط بالانتهاكات الروتينية، ولكن ربما تحول الأمر إلى أمر كارثي عبر اغتيالات خارج نطاق القانون وعمليات انتقام وعمليات قتل ممنهج”.
و”ناشد مواطني نهر النيل بعدم الاستماع لهذه الدعوات وألا يستجيبوا لهذه الأصوات التي تسعى للفتنة وتسعى لجر الولاية لوضع مأساوي والتقليل من قيمة إنسان نهر النيل المعروف بحكمته وتمسكه بقيم التعايش بين كافة أفراد الشعب السوداني”.
“شندي” و”المتمة” ترفضان تسليح المدنيين
وفي صعيد متصل، رفض بيان صادر عن أبناء “شندي” و”المتمة” بولاية نهر النيل تسليح المدنيين، وخاصة الأطفال سواء كان في ولاية نهر النيل أو أي مكان والزج بهم في الحرب.
وقال البيان: “نشعر بالغضب والأسي والحزن جراء مسلك الاستهداف الإثني والقبلي في ولاية نهر النيل لمواطنين سودانيين يجمعهم معنا الوطن يعيشون بشكل سلمي إنساني لسنين مضت وجراء تعرضهم للاعتقال أو إغلاق وقطع مصادر أكل عيشهم”.
وطالب البيان “الجهات المرتكبة لهذا الفعل البغيض الذي لا يشبه أهل المنطقة المعروفين بإكرام الضيف ونجدة الملهوف بأن يتوقفوا الآن وفورًا عن هذا السلوك وعليهم تحمل وحدهم وزر هذا المسلك ويمتنعوا عن صنع أجواء الكراهية وإحياء النعرات البائدة”
ودعا إلى “الالتزام يتنفيذ الإجراءات القانونية على كل من لديه جرم دونما نظر إلى الأصول الإثنية أو القبلية مع تقديم أولئك المتهمين للعدالة”.
البيان “حث السلطات على وقف الاعتقالات التعسفية ضد المدنيين بكافة أطيافهم”، وطالب “الجهات المعنية بولاية نهر النيل بشكل فوري وعاجل إطلاق سراح كل الأبرياء الموقوفين جراء هذا الاستهداف الغير مبرر، وتقديم كل مشتبه فيه إلى محكمة عادلة تتوفر فيها كل حقوقه كمتهم بريء حتى تثبت إدانته”.
كما “دعا طرفا النزاع لتحكيم صوت العقل والحكمة بالوقف الفوري لإطلاق النار، والعودة لمائدة التفاوض بقلب رحيم وعقل مفتوح يجنب البلاد والعباد أهوال الحرب وفظائعها ومآسيها”.
يذكر أن السلطات في ولاية نهر النيل قد شنت حملات اعتقالات لمواطنين سودانيين ترجع أصولهم إلى غرب السودان بدعوى انتمائهم لقوات الدعم السريع، مما أثار موجه انتقادات واسعة في المنطقة.
وكان والي ولاية نهر النيل، محمد البدوي عبدالماجد، أعلن عن استعداده لتسليح كل القادرين على حمل السلاح من المواطنين، وكشف خلال خطابه السبت الماضي، الحشد الجماهيري الذي ضم جميع قطاعات ولايته بمدخل مدينة الدامر، لـ”إسناد القوات المسلحة وحماية الولاية، عن أي استهداف ينال من خيراتها وإنسانها”، ودعا إلى “رفع الحس الأمني تجاه أي مظهر يهدد الأمن”، وقال إنه سيتقدم بنفسه الصفوف لحماية الولاية. كما “كشف عن توجيهات بأهمية رفع الحث الأمني بكل قرى ولاية نهر النيل”، وقال إن “التعبئة العامة يجب أن تكون ديدن كل أهل السودان”. بحسب تعبيره.